mena-gmtdmp

بعد انقطاع ونيف عن العالم وعنك

سلمى الجابري
| يحدث أن تتغير الأشياء في عينك، في روحك وفيك، يحدث أن تتبدل ضحكتك، ملامحك وحتى طريقة كلامك، كل هذه التفاصيل التي لم تكن تلقي لها بالًا قد تحدث من بعد انقطاعٍ ونيف عن العالم وعنك. كنتُ سابقًا أسير بالاتجاه المعاكس للحياة، كمن يبحث عن السعادة ولا يجدها إلا بشق الأنفس، وإن وجدها يخلى عنها لسببٍ لا يعلمه، كنتُ تلك المرأة التي تقتات من حزنها حتى تحيا جيدًا، كان الحب قريبًا مني، قريبًا للحدِ الذي قطعتُ فيه يد اللهفة عدّة مرّات عنوة، في الحقيقة يبدو أني لم أعدّه حبًا حينها، كان فوضويًا، شيئًا أشبه بالكارثة التي تحطّ على قلبك دفعةً واحدة حتى تنهيك، لم أشأ أن أنتهي في ذلك الوقت بالتحديد، كنتُ بحاجةٍ لشعورٍ يدفعني لأعيد النظر في الحياة التي خلّفتها ورائي، شعورٌ يصالحني معها ومعي، لم يكن لديّ خيارٌ سوى الهرب، الهرب نحو وطنٍ يمسك بيدي، بروحي، بضعفي، بتوتري، بحرفي المتآكل، بازدحامي، بقلقي وبي وكأني الوحيدة الكثيرة بداخله، وكأني كل العالمين له، وطنٌ يقدس الانتماء، ولا يخشى من العابرين مطلقًا. لم أخشَ من المسافات الممتدة بين وطني وبينه، بل رحلتُ إليه كلاجئةٍ تخشى من الموت بوحدة، وها أنا عدتُ منه والحب يملؤني كلي، كما لم أتكهن مسبقًا. نحن عندما نضرب كل العبارات التي تبدأ "بمستحيل، ويصعب تحقيقه" سنكون حينها تجاوزنا الكثير من اللاشيء، والبقيّة ستأتي إن أردنا ذلك فقط