حالةٌ من جنون

سلمى الجابري
لم يُخيّم الحُب على قلبي إلا معك، ولم تنسدل المشاعر بعبثيّتها من قبابِ الدلال إلا لك، ولم أشتق، ولم أكتب ببطشٍ وثورة أنثويّة إلا لأجلِ أن أخلدك بنزقٍ يُثير غرورك وكبرياءك. فـأنا أعلم كيف أرضي شرقيّتك المفرطة وكيف أُربِكها، كما تعلم جيداً كيفَ تُلهمني بجزيلِ الغرام، وكيف تحرضني على كتابتكَ بنهمٍ وزهد، لم تكن غاراتُك العشقيّة سوى حالة من جنون، ولم يكن تطرفي بك سوى حالة ابتداء. ستقتلني يوماً بسكتةٍ قلميّة، وسيصعب عليَّ الحياة بعدها؛ لأنكَ ما زلت تمارس على مزاجي اللغوي إقطاعية أجهل أتونها؛ لذلك لا يسعني سوى أن أنكفئ تحت اللا شيء؛ حتى أكتبكَ بعشوائية وهمجيّة تُرضيك. كيف لي أن أهرب من سطوتك، وأنت تحملني معكَ في كلِ شاردة وواردة؟ وكيف لي أن أتخلص من حُبٍ مستبد، وأنا التي تُنذر روح قلمها لرجلٍ ساديّ بملء مشاعرها؟ ولأنني امرأة تعتد بعاطفتها الضمنية كثيراً، لم يكن من اللائق لقلبي أن يغرم برجلٍ لغته قاطعة. وها أنا الآن يتملكني القنوط بلغةِ المنكوبين، المحزونين والمفجوعين، أينكَ عني الآن؟ وأينكَ عن كلِ هذا السواد الذي يطوِّق خاصرة الأيام بخنوعٍ وألم؟ لا أعلم لمَ تحاول جاهداً هَدر رصيد انتظاري على غيابكَ الطويل؟ لمَ تحاول إعدامي بلا سببٍ يُذكر؟ ولمَ أنتَ الآن ترمقني على بعدِ نافذةٍ وأسطر بهيئةٍ ليست بهيئتك؟ ما عُدتُ أقوى مصارعة، وباء قسوتكَ أكثر، وما عُدتُ أحتمل أن تُنكِّل بي بين تارةٍ وأخرى، فقط لأنك تريد هكذا وليسَ لعاطفتي أي اعتبارٍ يعزي عذابي المُدمي. وبديمومةِ الوجع وبكبرياء الهوى، ها أنا أكتبك بالقربِ من نتوءاتِ الجراح، ومن منتصف تضرع الأحرف سأشيّعك بحبٍ مخضب؛ لذلكَ كنْ هالكاً يا رجُل عند قراءتي