mena-gmtdmp

على شاكلةِ مُصادفة

سلمى الجابري
أنا أجزم بأنها لم تكن مجرد مصادفات دائخة، بل هي رسائل قدريّة مُفخخة بجزيل الدهشة، وبالتحديد عند أقصى اللقاء الأول. كانت النظرات تائهة، مثيرة وشهيّة للحُب، وفي اللقاء الثاني كانت الملامح مندهشة، مُبتسمة ومُتفاجئة، وفي اللقاء الثالث أصبحت المشاعر مُنتفضة، ثائرة ومتجمدة من هول الغرابة. لماذا كل الأماكن تأتيني بك؟ ولماذا هذا اليوم بالتحديد تواطأ معك القدر؟ ولماذا تحاول أن تُؤطرني بك كلوحةٍ صامتة، لكن ملامحها تدل على ثورة داخلية وألوانٍ عاصفة! والمثير في الأمر هو أننا لم نعقد صفقة صداقة أو حتى حُب؛ بسبب تلك المصادفات الغريبة، والأكثر إثارة أننا لم نتبادل أطراف الحديث، ولم نأخذ تلك اللقاءات العاصفة على محمل الأسئلة والأحاديث اللذيذة. فقط اكتفينا بالابتسام والنظرات الضمنية، حتى انتهى ذاك اليوم بلغزٍ غريب، وبوميضٍ لن ينسى، وكأن الحياة أهدتني رجلاً من سراب لمدةِ يومٍ كامل. يا للجمال، فقد كنتَ معي من صباح النوارس وحتى قناديل الليل، وهذا كله على شاكلة مُصادفة. أعدك، قد نلتقي يوماً يا رجُل المُصادفات خلف عبثيّةِ القدر، حتى نتعاطى الحُب، الأحلام، والكثير من الأمنيات العظيمة.  قد تكون رجلي في وقتٍ ما، وقد تأتيني حينها بكلِ وجاهة الغرام عاشقاً، وشاعراً، تتغنى بي ومن أجلي. الموجع في الأمر هو أن تلتقي بنصفك الآخر في وقتٍ ليس وقتكما، أن تصافحا مشاعركما في زمنٍ ليس لكما، وأن ينتهي بكما المطاف عند عتبة الذكرى بكلِ جماليّتها وسطوتها