كنّا غرباء

سلمى الجابري
| حسناً، لقد بدأت من جديد، بدأت من حيث لم أتوقع، وتحديداً بدأت من حيث لم أتوقف مسبقاً، وهذا على غير عادتي، لطالما كنتُ أبدأ من ذات النهاية المعقدة التي سقطتُ بسببها كثيراً، لكن لم أبدأ هذه المرّة بمفردي، بدأنا معاً، أنا وهو، بدأنا لنكمل الأجزاء الناقصة فينا، بدأنا حتى نلوّن هذه الحياة في أعيننا أكثر، لم يكن الأمر مستحيلاً، بقدرِ ما كان سريعاً أن نتجاوز أنا وهو الشق الآخر من العالم بشهقة واحدة، بشهقةِ حبٍ مُلونة تضمر السعادة الحالمة بشكلها الحقيقيّ. «الحب عبارة عن احتواءِ قلبٍ تعب في الماضي». وقلبي كان منهكاً، منهكاً جداً من شدّة التخبط والموت، لم يبقَ في الروحِ روحٌ حتى تحيا، لكنه الحب الذي يجيءُ بكل قوته العظيمة، بقوته الآسرة؛ كي يبدد الأحزان، يشذب الذكريات، يرتب الفوضى العارمة فينا، ثم يملأنا بفوضى ألذ، بفوضى لا تبقي فينا ولا تذر، هل سمعت يوماً عن الفوضى الخلاقة؟ فهذه الفوضى هي ما قد أحدثته فيّ من جنونٍ وطفولة، فأنت قد أعدتني إلى عمرٍ طاهرٍ، عمرٍ لم يتلوث بعد بذنوبٍ قد اقترفتها سهواً أو حتى عمداً، فكلّ ما أعرفه الآن هو أنك قد أصبحت برداً وسلاماً لي. كيف اقتربنا إلى هذا الحد؟ ونحن الذين كنّا في الأمسِ غرباء!