mena-gmtdmp

لا أحد يمدّ لقلبي مظلة

سلمى الجابري
لم أكن أنتظر أن تتساقط المشاهد فور انسحابي، ألم يكن مبكراً أن ينسدل الستار، وأن يصفق الجميع برتمٍ مؤذٍ! مُعلناً عن حضور النهاية، فأنا لم ألفظ أنفاسي بعد، ما زال بلل الكلمات الأخيرة في فمي، لم يسعني أن أهدأ، أو حتى أن أمسح الدهشة من وجهِ ملامحي المخذولة. كل الأشياء قد تركتها، كما تركتني. لم نعد كالسابق؛ نشتكي، نبكي، نثرثر، نشتم، نغني، نصمت، ننام، أو حتى نكتب، لم نقل وداعاً كي لا نضفي فوق المشهد، مشهداً آخر، قررنا الانسحاب فجأة، وبأن تكون العودة بذات الفجأة، لكن المفاجأة أني عدتُ مبكراً، قبل عودة الحياة لتفاصيلي الصغيرة، عدتُ ولم يعد أي شيء كما كان، أم أنه كان يجب عليّ الرحيل؛ كي أرى بأنه لا شيء يربطني بهذه الغرفة، بهذا المكتب، بهذا السرير، بهذه المرآة، بهذه الدفاتر والكتب، بهذه الأشرطة، والأقلام، والمجلات، بهذا الخواء الكبير سوى العدم. إنها تمطر، العالم في الخارج ينتحب، السماء تصرخ بالبرق والرعد، ولا أحد يمد لقلبي مظلة. اسمعهم يضحكون، تتلوى المفردات بين ألسنتهم ثم يغمزون، أراهم يزدادون قبحاً والفضول يملؤهم، كل هذه الغرابة لأني هنا، لأني عدت كما لم يتوقع أحد، كما لم أتوقع أنا، كما لم تتوقع أشيائي الصغيرة البائسة، هذا الكون يضحك، يزفر حقده، ليشهق النميمة من جديد. لم أكن أنتظر أن تسقط بداخلي كل هذه الهزائم مرة واحدة، حينما قررت ممارسة لعبة الاختباء. .