mena-gmtdmp

فتور العلاقة الزوجية

أميمة عبد العزيز زاهد
| إن من أهم أسباب تدمير العلاقة الزوجية هو إهمال التعبير عن الأحاسيس والمشاعر، وعدم البوح بكلمات حب صريحة بين الزوجين، فحين يسكت حوار الهمس يتكلم الملل، ويصبح الصمت أسوأ مرض يصيب الحياة الزوجية، إن الإفصاح عن المشاعر أفضل وسيلة لإنجاح الزواج، وإذابة الجليد الذي تكون بمرور السنين، فالصمت يؤدي إلى الملل، والملل يؤدي إلى الغربة، وما أبشع الإحساس بالغربة مع شخص تعيش معه تحت سقف واحد وباستمرار! الإحساس بالغربة يؤدي إلى الانفصال العاطفي، أو ما يسمى بالطلاق الصامت، وأتساءل ترى ما الذي يمنع الزوج من أن يعبر عن مشاعره، خاصة وأن ذلك لن يكلفه أي مجهود؟ فهل يعتبر الزوج أن البوح بمشاعره ضعف، أو انتقاص من كرامته، أو تقليل من رجولته؟ فهناك من يقول بأن الكلمات ترخص المشاعر وتفقدها قيمتها، ولو يعلم الزوج بأن أي زوجة تتلهف شوقاً لسماع كلمة حب أو تقدير من زوجها، فذلك يعنى لها الكثير والكثير، ولو يعرف مدى قوة تأثير ذلك عليها، وكم يمنحها من قدرة على الصبر وتحمل معاناة الحياة، ولكن مع الأسف أصبحنا كثيراً ما نسمع عن تلك البيوت التي تبدو لنا من الخارج جميلة، يملؤها الحب والسعادة والاستقرار، ولكن من الداخل تعاني من التنافر والقسوة والجفاف، تسير الحياة فيها بطريقة مخططة لا تتغير، يعيش سكانها في هدوء تام بمواعيد محددة للأكل والشرب والنوم، لا يكاد أي طرف يلتقي بالآخر، وهناك منازل تعيش في سلسلة من المشاجرات التي لا تنتهي إلا عند النوم، وفي بعض الحالات تصبح الحياة الزوجية مجرد علاقة صورية، يمثل فيها الزوجان أمام الناس بأنهما سعيدان، لاعتبارات اجتماعية وشكلية، ولكنهما على أرض الواقع يعيشان منفصلين؛ لانعدام مقومات التفاهم والانسجام، وكم من زوجة تعيش في كهف بارد يغلفه صمت مخيف، وكم من زوجة تعيش الغربة والوحدة داخل بيتها، وتشعر باحتياجها للتحاور مع زوجها، الذي لا يتكلم ولا يسمع ولا حتى يرى، وتبدأ عملية الهروب أو التقوقع، ويعتقد بعض الأزواج أن العطاء يتمثل في منح المادة فقط، وبالمقابل يطلب من زوجته أن تعمل على راحته، وتتفانى في إسعاده، وإذا أهملت أي متطلب من متطلباته فمن حقه أن يهرب من عالمها ليبحث عن غيرها، ويعلن جملته الشهيرة زوجتي مهملة، ترى لماذا تتوجه أصابع الاتهام دائماً للمرأة بأنها السبب في فتور العلاقة الزوجية وإصابتها بالملل؟ فهل الرجل بريء من هذه التهمة التي استمتع في إلصاقها بالمرأة؟ أليست الحياة الزوجية مشاركة ومناصفة؟ هل بيدها وحدها فقط قيادة دفة السفينة بهدوء وسكينة؟ هل مطلوب منها أن تتحمل سلبيات زوجها وعيوبه؟ حتى لا يهرب منها، وتكون السبب لزواجه عليها؛ لأنها لم تحافظ عليه كما يجب، إن تجديد الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة من حين لآخر أمر ضروري، حتى لا تتعرض حياتهما للملل والروتين، وإذا أراد الزوجان أن يبعدا شبح الملل والفتور، وأن تنجح علاقتهما وتستمر فلا بد أن يحاولا معاً تزكية هذه العلاقة، وتدعيم حياتهما بألوان من الحب والعطف، والود والوضوح، والصراحة والشفافية، والاهتمام والعطاء، والتضحية المتبادلة