كن على سفر.. لا تقيدك حقيبة

سلمى الجابري

 

(1)
ابتعد قليلًا، ثم عُدْ، وستجد أن كل ما قد تركته ليس كما كنتَ تتوقعه، أو حتى ليس كما كنتَ تشعر تجاهه. كل ذاك الحرص، القلق، والخوف المستمر من اقتراف أي مغامرة جديدة، لم يكن يستحق كل ذاك الجدل الذي دار بينك وبينك، حينها ستشعر للمرةِ الأولى بأنه لم يعد هنالك أي سبب يستحق أن تُؤخر مغامرتك من أجله.
لذا كن على سفر، على متن الحقيقة، عِش في بين سفوح الجبال، بين القمم، لا تقيدك حقيبة، كي ترى أن قيمة الحلم تتضاعف في دواخلنا، كلما اختزلنا المشاهد بين مشاعرنا العميقة.
جرّب كل التفاصيل القابلة للعيش، لن تندم إلا على عمرٍ لم تعشه كما يجب.

(2)
كثيرةٌ هي الوجوه التي تشبهك في تعبها، في صمتها، في شغفها، وتوقها للحياة..
إلى أين ستمضي؟ وجميع الوجوه أنت، فأنت البداية والمنتهى، وأنت الاتجاه والطريق..
كن عابرًا، مُرتحلًا، وغريبًا، لا تعثرك لحظة، ولا تعيدك خطوة..
خذ من المارّةِ صبرهم، من الطفولةِ بهجتها، ومن الآخرين ما تشاء.. تجاوز مخاوفك، واصعد للأعلى.. فالقمة تنتظرك.. حينها كل الأشياء ستبدو في عينيك عادية، وصغيرة.. وحدك أنت المتغير، المختلف، المتجذر والعميق جدًا.

(3)
- ما هي قصتك؟ قصتك التي تعنيك، قبل أن تعني الآخرين؟
لم نوجد بين العالمين بلا عنوان يؤرخنا، يُصنفنا، يجعلنا أكثر اختلافًا، أكثر قربًا، أكثر دفئًا، وأكثر غرابة، ما هي قصتك؟ كيف بدأت في هذا العالم الفسيح، الممتد، المُعقد، والمتجذر جدًا؟ ما الذي جعلك تصل إلى هنا؟ ما هي طريقتك البكر في معايشة البهجة، المغامرة، واكتشاف كل ما هو جديد؟!
كن جريئًا بما فيه الكفاية، وأخبر هذا الكون كم من صفرٍ تجاوزت، وكم من صفرٍ تجاوزك؟ بين لحظتك السابقة والآن وبين ما تودّ عيشه؟
- من أنت بين قصص العالمين؟