عامٌ جديد.. بهدوءٍ مطبق

سلمى الجابري


ابتعدت بنفسي، اختليتُ معها، واعدتها، شاركتها أسراري، فضائحي، قصصي العادية، والأخرى التي لن يعرفها سواها، قطعت معها شوطاً عصيباً من الوحدة، من الأرق والقلق، تكاثرنا بالضحك، باللغة، بالصمت، بالبكاء، بالشعور الدافق من لحظةٍ استثنائية عابرة. حينها تأكدت بأن لا حاجة لي بغيرها.


فمن بعد العديد من التجارب الآسنة، ومن الوجوه المارقة، والأخرى التي كانت سبباً بأن أصل إليَّ أخيراً وأنا محملة بكل شيء وباللاشيء. ها أنا الآن ألفظ أنفاسي القديمة كما يجب.
دوماً تهذبنا اللحظة، وتصفعنا الحياة، حتى نعود إلينا كما لم نكن من قبل.


من سيبقى معك أخيراً غيرك! مهما امتدت علاقاتك، مهما أسرفت بالاهتمام بهم، مهما كان الذي بينكم حقيقياً، استثنائياً، لن يدوم، ليس لأني سوداوية، وليس لأني أجتذب الطاقة السلبية إليَّ وإليك وإليهم، بل لأني أعي تماماً بأن كل من نحبهم لن يدوموا طويلاً، وهذا ما تعلمته من صحة هزائمي.


الإفلات، التجاوز، التناسي، القفز بعيداً عن فخاخ الخيبة لن يُجدي نفعاً، حينما يجتاحنا الألم.
عندما تحب لا تراهن على الشعور، ولا على العمر، راهن على المواقف التي ستسدل الستار من على ضبابية المشاهد التي لم تكن لتعرفها. حينها فقط ستتضح أمامك كل التفاصيل التي يغلب عليها التعب، الانتظار، الصبر، وأن كل ما كنت تفعله في ساعة حب، ما هو إلا حدثٌ مؤقت.


رتبت حقائبي، اخترت وجهتي، اخترتها بعناية نحو أقصى مكان يمكنني أن أصل إليه في أسرع وقت، لم أقطع سوى ساعة ونصف، لأبدأ عامي الجديد بهدوءٍ مطبق، بعيداً عن زحام العالم، بعيداً عن أصواتهم، بعيداً عن وجههم الجارح.