كيف تكون وجاهة الحب؟

سلمى الجابري


كيف يكون للحبِ وجاهة، ونحن الذين نقيده بعمرٍ معين، بشعورٍ عقيم، بظرفٍ محدد، وبواقعٍ مكرر!
لم يكن على المرء أن يكون بهذا القدر من التعقيد، بينما يجعلنا الحب أكثر خفة، وأكثر زخماً، من أي وقت مضى. فلا أعلم لماذا دوماً نحشوه بالشبهات، بالكدر، بالذكريات الموبوءة، وبالذاكرة التي لا تكاد تحتفظ بشيء حتى تنساه!


عاطفتنا مًعلبة، مموهة، مرشوشةُ بالتعجب، والاستفهام الذي في نهاية المطاف لا يصل إلى أي شيء، سوى أننا في لحظةٍ ما سرعان ما ندلف نحو الرغبة بعيشِ أكبر قدرٍ من الحب، دون أن نفهم ماهيّته، أبعاده، حقيقته، وقدره. فجلّ ما يهمنا هو أننا نتلوّن من جديد، أن نستشعر العالم من تسارع أنفاسنا، أن نميل كل الميل لنختبر ثباتنا قبل الحب وأثناء الحب وبعده، بعيداً عن أي تأويلٍ قد يحدنا، أو يبعدنا عنه.


نهتم بالشعور اللحظوي، نتماهى بين تفاصيله، فنغفل عن ديمومة الحب، التي نبحث عنها منذ بادئ الأمر، فلا ندركها إلا قبل شهقة النهاية. حينها فقط يتجلى كل شيء، تتضح المشاهد من بعدِ ضبابيتها، فلا يمكننا سوى أن نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، هذا إذا كنّا نسعى للمضي قدماً دون أن نأخذ فترة منقطعة النظير عن الشعور المفاجئ بالغرابة والحب في ذات الآن.


مشاعرنا متأججة، دافقة، سادرة، متغيرة، متباينة، متأرجحة، ثابتة، مترمدة، مشتعلة، متناقضة، واضحة، مميزة، عادية، مختلفة، متشابهة، صادقة، كاذبة، تحمل برحمها نقيض كل شيء واللا شيء فهي لا يمكنها سوى أن تكون ما عليه، وهذا ما يجعلنا نتقبل الآخر بكلِ ندوبه، وعطبه، وذنوبه قبل محاسنه. فجزيلِ العطاء لا ينضب إذا كان الحب يتكاثر في الكلام، في الأفعال، في المواقف، في الصمت، في تجمهر الشعور، في اللحظات العابرة والأخرى الباقية، حينها فقط سندرك كيف تكون وجاهة الحب.