أحاسيس دخيلة علينا

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت: الحب قول وفعل. الحب هو الوقوف بكل ثقة وتحدٍّ أمام أي أعاصير قد تدمره، وليس الوقوع والخذلان والاستسلام للفشل. الحب هو العطاء والتضحية، وليس التلقي والأخذ.
والحب الذي جمع بيننا اشترك في صنعه العقل والقلب، واختار كل منا الآخر بكامل حريته؛ فعشنا سنوات يرفرف فوق سمائنا الحنان والمودة والسكن، ولكن لماذا بدأنا الآن نشعر بأن حياتنا قد أصابها الملل وبأننا لسنا سعداء؟ والملل هو خريف الحب ومرض يصيب السعادة في مقتل؛ إنه ملل من النوع القاتل.


كنت كلما اقتربت أنا ابتعدت أنت، ولو ابتعدت أنا اقتربت أنت؛ فلا نلتقي وفي الوقت نفسه لا نفترق! حتى أصبح استقرارنا مهدداً بالضياع. فكرنا كيف نحمي حبنا من السقوط، وناقشنا المرحلة الحرجة التي وصلنا إليها بكل تعقل وصدق وواقعية؛ فنحن بالفعل نعيش أحاسيس دخيلة علينا، ومشاعرنا بدأت تذوب من بين أيدينا، مشاعر جرفها واقعنا وبدأت عواطفنا تتضاءل أمام أعيننا.
حاولنا أن نثير ذكريات الماضي، ذكريات حب كنا نعيش فيها أروع وأرق الأمسيات، ووجدنا أنفسنا أبعد ما نكون عن كل شيء كان يربطنا، فهل نام الحب في قلبينا في سبات عميق؟ وهل ستدعني أغادرك؟ وهل سأتمكن أنا من نسيانك؟ وهل تستطيع أنت أن تتنازل عن عشرتي؟! وهل يستطيع كل منا أن يسير باقي مشواره دون الآخر؟!


تُرى لماذا لم ننفذ قرارنا بالانفصال حتى الآن؟! وماذا ننتظر؟! فكلما هممت أعود وأتراجع، وكلما حاولت أنت أن تنفذ تؤجل وتعود، وما زلنا في ترددنا على المنوال نفسه، وفي كل مرة نقاوم لا نريد أن نسير إلى نهاية الطريق؛ حتى لا تسقط بقايا حبنا إلى الهاوية. واكتشفنا أنه لن يتمكن أيٌّ منا من الاستغناء عن الآخر؛ فنفسي لن تطاوعني بأن أترك أحب من أحببت في حياتي، فقد كنت أفشل في كل محاولة للابتعاد عنك؛ لأن حبي كان دائماً يغلبني. وأنت كنت دوماً تخبرني بأن حبك لي لن يموت إلا معك، وأنا على يقين بأنك تعاني مثلما أعاني.


حقيقي أننا كنا نفكر ونتحاور، ولكن دون أن نتقدم رغم أن الرغبة في أعماقنا كانت أقوى من أي عناد أو تحدٍّ. وبدأنا نغير في أسلوب حياتنا؛ ففي هذه الحياة لا بد أن ندافع عن حقنا الطبيعي في السعادة، حتى لا تُسلب منا لو استسلمنا لليأس. وقررنا أن نهيئ أنفسنا ونبذل جهدنا لنعرف مكامن الخطأ في بؤرة مشاعرنا. منحنا لأنفسنا وقتاً أطول وتفكيراً أعمق، فعلنا كل ما بوسعنا لنصل لتحقيق الراحة لحياتنا، واستجبت لندائي، وساعدتني بعقلك واحتويتك بقلبي. وعدنا مرة أخرى بمشاعر أعمق وفهم أكبر، عدنا اثنان جمعهما هدف وأمل مشترك، وبعد هذه التجربة تأكدنا أننا عقلان متجاوبان، روحان متآلفان، فكران متعانقان.