mena-gmtdmp

رجلٌ بشكلٍ مستحيل

سلمى الجابري
أخبرني كيف لي الكتابة عن رجلٍ يهوى لعبة الأسرار والتفاصيل القاتمة؟ كيف لي أن أبدأ من حيث ما توقف بي غموضك؟ كيف لنا نحن الغارقات بمداد الأخيلة أن نكتب عن رجلٍ سيظلّ دوماً في خانةِ الرجل المشتهى؟ فأنت تجيد إثارة الاستفهامات، كما تجيد الهرب من حتميّة الأجوبة، تعقد حول قصائدك الفضول، كما تربت فوق دهشة اللغة الكثير من زخم شموخك، أنت تقف بين الأضدادِ وتخلقها، فتشتعل مواسم الغيرةِ فيَّ دون أن أخبرك، ولك أن تتصور كيف يتمطى جنوني بك ويخمد! لذلك أخبرني كيف ترتدي كل يومٍ رجلاً غيرك؟ كيف لكَ تلك القدرة على التشكّل ومحاكاةِ العاطفة؟ مع هذا الكم من الأسئلة، ستبقى «رجلاً بشكلٍ مستحيل». ولأنك أصبحت قادراً على ترويضِ وحدتي، وغيابي الآسن، لم أعد قادرة على أن أتجاهلك أو حتى أنكرك، لم أعد تلك المرأة الناشفة والمجعّدة بالذكريات، لم أعد بتلك الكآبة التي جمعتني بك مصادفة، ولم أعد أحمل مشقة التفكير بمستقبل مجهول. ولأنني أصبحت بين يديك الآن، فقد أصبح اسمي كقصيدةٍ مورقة، فغدت ملامحي تزهر بالحياة، كما بدأت أرنو معك بين سطرٍ وحرف بحبٍ مُلبد . من تحتِ ركام المشاعر، دوماً هنالك رجل قادر على إبادة الأوجاع بنبلٍ وشهامة، دوماً هنالك من سيشعر بكِ، من يكترث لبكائكِ الطويل ولحزنكِ المنهمر، دوماً هنالك من سيمطركِ بالاهتمام من حيثِ تجهلين، لذلك رغم كل أوجاعكِ ابتسمي، فهنالك دوماً رجل يبتسم لسعادتكِ، ويشهق لألمكِ. ولأننا يا رجُل الغموض والأحداثِ الجانحة لم نلتقِ إلا بين الذاكرة المتطرفة واللغة الدامغة، ستبقى أحرفي متلبسّةً بكَ حتى حين.