نحنُ نحتاج للتغيير بقدرِ ما نحتاج أن نبتعد عن كل الأمور الكربونية، التي قد نصادفها أو حتى نسمعها بذات الرتم، لذلك ولأول مرة استمعت لفن الأكابيلا الخلاب حتى سرعان ما أدمنته، حتى سرعان ما تعمقت بين إيقاعاته البشرية المذهلة، فلم أجد سوى محمد رباط وعلاء وردي هما الوحيدان اللذان أسسا هذا الفن بداخل المملكة، وهو فن قديم جداً وله من العمر ما يقارب 500 عام، وها هو الآن بدأ يتجدد وينتشر بيننا بفضل جهود هؤلاء الثنائي، فكان محمد رباط منذ عدة سنوات يستهويه فن الهرمونيات والأصوات البشرية، الذي يعتبر في الأساس من الفنون الصعبة؛ لأنها قد تكون تحدياً صعباً لأيِّ مغنٍ، حيثُ إنها لا تعتمد على أي آلة موسيقية سوى الحنجرة، وفرقعة الأصابع، والضرب على الفخذ واستخدام كل الجسد بشكلٍ ذكي؛ حتى يتم إيجاد اللحن المفقود من القطعة الموسيقية الكاملة.
فهو لدى محمد رباط تعدى مرحلة أنه قد يصبح مجرد معزوفة عادية، لذلك هو الآن أصبح يعيد أداء بعض الأغنيات لمغنين معروفين على هيئة أكابيلا مثيرة، للحد الذي بدأ فيه بأداء أغنية تركية بطريقة أذهلت كل من استمع لها، من حيث إنه أتقن اللكنة التركية، بالإضافة لطريقته المنسجمة والمتقنة في أداء اللحن بجسده وبحنجرته، دون الاستعانة بأيّ آلة خارجية، وهذا بحد ذاته يستحق الإشادة، كما يستحق التصفيق والدعم، فهذا الفن الراقي يعتبر فناً محايداً؛ لأنه سيصل لجميع شرائح المجتمع بطريقة ساحرة، وخصوصاً الشريحة المحافظة منها.
صدقاً هذا الفن لا يجب الاستماع إليه فقط، بل مشاهدته عن قرب، وحتى المشاركة معهم في أداء أي معزوفة أو أغنية، نحن بحاجة لهذا التجديد، لهذه الطاقة المذهلة التي يبثها محمد رباط بين كل الحضور الذين حرصوا على مشاهدة عروضه التي قدمها في فعاليات كثيرة، لذلك كلما استمعت لأكابيلا بدأت أدرك أن هنالك الكثير من الفنون والكثير من الطاقات الشابة، والكثير من المتميزين بيننا لم يتم تسليط الضوء عليهم كما يجب، أو حتى دعمهم، أو أضعف الإيمان إسداء النصح لهم وتوجيههم لطريق البداية.
سعيدة جداً رغم كل القيود ورغم الكثير من العقبات، أو حتى العثرات التي تُلقى أمامنا عمداً، بأننا نستطيع اجتيازها إن رغبنا بذلك، مهما كانت أو مهما ستكون، من المفترض أن نؤمن بطموحنا من البداية، فقط إن أردنا أن نصل للنهاية بفخرٍ وتصفيق حار من الجميع بلا استثناء، وسعيدة أكثر بمجهود وطموح محمد رباط المثمر، الذي يصبّ في النهاية في مصلحتنا.