كأيّ بداية لابد أن تولد من رحمِ العدم، بدأت بالكتابة حتى لا أنتهي من حيثُما انتهى الآخرون.
هل نحتاج حقاً أن نقول برداً وسلاماً على كلّ من عبرونا ذات بكاء، فتركونا نتجرع اشتياقنا لهم بوحدة؟ هل نحتاج فعلاً أن نربت على قلبٍ لم يعد يشهق الحب بثقةٍ لا نملكها؛ حتى نعيد إليهِ الحياة ولو كذباً؟
لا نحتاج إلى من يهدهد لنا فزعنا حتى يرضي مشاعرنا، بل نحتاج إلى أن ندرك أن ما نخسره في هذه اللحظة الراهنة هو لصالحنا نحن، فنحن مهما تعايشنا مع هزائمنا وآمنا بأن الخسارة هي بداية العبور لتخطي هذه المأساة، كلما كان هذا أفضل، ما الفائدة بأن نبقى لهم بينما الكل يرحل عنّا؟
كلّ ما عليك فعله هو ألا تنسى بل أن تتناسى، أن تنشغل أكثر، أن تُهلَك بسببِ كثرة أعمالك، ألا ترفع رأسك لتشتاق، بل أن تحني ظهرك لتتناسى لتنجح، لذلك ابدأ الآن بالكتابة، بالرسم، بالغناء، بالصراخ، بالرقص وبالالتفافِ حول أناك أكثر، اشعر بك، وعانق اللحظة التي تعقب كل آه تطلقها بحسرة، لا تقف مستسلماً لموسمِ الرحيل بخنوع، بل أدر ظهرك له، وسر بعكسِ رياحه، حتماً ستشعر بقوةٍ لا تعي من أين أتتك، لكنها ستكون كافية لأن تستمر من حيثما انتهى الجميع ورحل. لن أختفي أكثر، ولن أركض مسرعةً خلف صهوة الحنين، فأنا الآن أصبحتُ أقوى، والفضل لغيابك... وعليك أن تقرأني من الحرف الأول؛ حتى المنتهى بشيءٍ من الدهشة