mena-gmtdmp

كم من العمر سنحتاج حتى ننسى

سلمى الجابري
عندما نعجز عن مداراة الغصَّة المتجذرة بداخلنا أمام الملأ، فهذا لا ينم إلا على أنَّ جرحنا أصبح غائراً أكثر مما نحتمل. فبعد هذا العمر، وبعد هذه المرحلة المرهقة من التعب، كيف يمكننا مراقصة الخيبة، من حيثُ ما قصمنا؟ ونحن ما زلنا نتلوى وجعاً!. قد نتقاطع مع الكثير، وقد نتبادل الأدوار فيما بيننا، لكن حتماً ليس هنالك شخص سيمكنه ملء مكان الآخر، غياب الآخر، وحشة الآخر، حنين الآخر، حب الآخر، وقلب الآخر، قد يمكنهم ملء فراغنا، وأخذ حيز كبير جداً من أرواحنا، لكنهم قطعاً لن يتمكنوا من مساس المنطقة المحظورة فينا، لن يستطيعوا زعزعة أمانها بثورتهم، ولن يحرّضوا مشاعرنا على التعاطف معهم أكثر من المفترض. ليس لهذا الحد، وليس بتلك السهولة سنحبهم، وليس بهذا القدر من القُربِ سنصافحهم أمام رهافة اللحظة، لن نحبهم ونحن مازلنا نعتنق كلّ الجروح الجاثمة فوق صدورنا كفعل مقدس، نخشى تجاوز طقوسه، فنصاب بلعنة ما. نبحث بين الفينة والأخرى عن فرحٍ فائض، عن بهجةٍ تحفنا بظلالها، عن أملٍ منقطع النظير، عن كل التفاصيل الصغيرة التي قد تدخلنا مرةً أخرى تحت كنف الحب، دون أن نتعرض لمواجهة اصطدامه مع الذاكرة، ومع كل الأوهام العاطفية القديمة. كم من العمر سنحتاج، حتى ننسى؟ كم من المرارة سنتجرع؛ حتى نبتسم؟ وكم علينا أن ننتظر؛ حتى نتجرد من هذا الغبن العاطفي، بأقل ضررٍ ممكن؟