mena-gmtdmp

كيف نلوّن وجه بؤسنا؟

سلمى الجابري
| لا أعلم كيف يكون تمويه الحزن، بقدر ما أعلم كيف تصبح اللحظة المواتية أكثر جرحاً وخيبة، كيف نلوّن وجه بؤسنا، ونحن الذين لا نملك الحق في تغيير ملامحه إلا بشق الروح، بشق المشاعر، وبشق الذاكرة؟! ماذا كنا نتوقع من حاضر مكبل بماضٍ له كل هذه الوجوه والألوان الباكية؟ ماذا كنا ننتظر من مستقبل تدور عجلته بعكس توقعاتنا؟ قطعاً لا شيء، بل كنا نتوقع كل شيء، كنا نراهن على الحب، وعلى الحياة، وعلى كل هذه المتع الصغيرة، كشيء لا يمكنه النفاذ، كنّا نردد بأن هذه اللحظة هي لحظتنا، وبأن هذه الحياة هي حياتنا، وبأن هذا الحب هو ملكنا، لكن لا شيء مما سبق كان في الحقيقة يخصنا! هذه المشاعر مكررة، هذه الذكريات مكررة، هذه الشوارع، العطور، الوجوه، الثياب، الأغنيات، الكلمات، المكالمات، ولحظات الانتظار، جميعها مكررة! نحنُ النسخة المكررة من حياةٍ ما، ومن حدثٍ لا يمكننا النفاذ منه بطواعية. لذا أن نعيش رغماً عن كل هذه الأحداث الدامية، التي عصفت بنا وقصفت، حتماً هذه معجزة، لن نشعر بها سوى بعد دهرٍ من الأسى والانتظار. فمن الموجع جداً أن نركض للوراء، في الوقت الذي ينبغي علينا فيه أن نركض نحو النجاة. ترى كم من حياة ملّت من انتظارنا؟ وكم من حياة مللنا من ترقبها؟ لماذا لم نتقاطع بعد مع العمر الذي ينتمي إلينا وننتمي له في المقابل؟ آه.. وكم هو هذا السؤال مؤذٍ بمستقبلٍ مفخخ بالتعجبِ والاستفهام المربك!