mena-gmtdmp

من يسرق الوقت منا

أميمة عبد العزيز زاهد
| هناك حكمة تقول «الوقت كالسيف ذو حدين فإن لم تقطعه قطعك»، ولو تأمّلنا أحوالنا وأوضاعنا ومدى التزامنا وحسن تعاملنا واحترامنا لوقتنا ولأوقات غيرنا، فسنلمس مع الأسف واقعاً محبطاً، فنحن لا نتمتع بثقافة احترام الوقت والمواعيد، كما نفتقر إلى ثقافة الاعتذار، وذلك لعدم الإحساس والشعور بالآخر ونُلاحِظ ونعاني جميعاً في حياتنا اليوميَّة كم من التصرُّفات غير الحضاريَّة تنمُّ عن الأنانية، إنها قضية اجتماعية مهمة للطرح، وهي قضية بالتأكيد تهم الجميع ومن مسؤوليتنا وواجبنا مناقشتها، فنحن نحتاج إلى صدق التعامل، والسموّ بعلاقاتنا الاجتماعيَّة، خاصة أن تعاليم ديننا الإسلامي تحث المسلم وتلزم الفرد على احترام الآخر، وأن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، وأن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا، ولكن هناك مع الأسف من يسرق الوقت منا ولا يلتزم بمواعيده، وهناك من يتعامل بلا مبالاة وبمنتهى الاستهتار دون أي رادع يجعله يتراجع أو حتى يعتذر رغم أن ثقافتنا الإسلامية حثتنا على احترام الوقت، وموضوع الانضباط في المواعيد من المسائل المؤلمة التي تجعلنا نحزن على أنفسنا، وما وصلنا إليه فنحن لا نعرف قيمة الزمن، ولا نقدر أو نحترم المواعيد بجميع أنواعِها؛ سواء كانتْ ثابتةً أو يوميَّة أو طارِئة سواء كانت مواعيد للمستشفيات أو الزيارات أو في مجال العمل أو في الأنشطة الفكرية والثقافية وكثير غيرها، وهذا نابع من وجهة نظري من التربية، وعدم الالتزام والتوجيه منذ الصغر على احترام حاجات الناس وعدم مراعاة وقتهم وتجاهل حقوقهم، فينشأ الفرد على عدم الإحساس بالآخرين، ولا يهتم إلا بنفسه وبرغباته ومصلحته. نحن الآن بحاجة إلى تضافر الجهود والتكاتف بحسن نية، رغبة في إعمار الأرض التي استخلفنا الله سبحانه عليها لنَنهَض بمجتمعنا، والفرق كبير بين أن نعرف ونستوعب قيمة ومعنى هذا السلوك، وبين أن نجبر على فعله دون أن تتقبله عقولنا ولا ضمائرنا. فالوقت مهم ولكن الوقوف على معناه أهم. وهناك العديد من السبل بإمكاننا أن نتخذها منهجاً؛ حتى نصل إلى ثقافة تحترم الوقت؛ تبدأ بمسؤولية الآباء في تعليم أطفالهم على دقة المواعيد، فلو تربوا على أيدي أفراد لا يحترمون الوقت فإنهم يكبرون، وتكبر معهم هذه الصفة السيئة، ولو اعتادوا احترام الوقت فستصبح جزءاً من طبائعهم وسلوكهم، وتصبح كالقاعدة لديهم. فالقدوة العملية أشد تأثيراً من الأوامر اللفظية أو المكتوبة، بجانب الدور المهم للتربية والتعليم ووسائل الإعلام. كلنا علينا الالتزام بحسن التعامل واحترام أنفسنا والآخرين طاعة لله سبحانه وتعالى، ومن ثم تنظيماً لحياتنا. وهي صفة من مَكارم الأخلاق، فتعالوا نبدأ أنا وأنتم نتشارك ونساهم في إتمام مَكارِم الأخلاق ولنعامل الناس بطبعنا لا بطباعهم، مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم التي تؤلمنا في بعض الأحيان ولا نبالي بمن يطلب منا بأن نترك صفاتنا الجميلة؛ لأن الطرف الآخر لا يستحق تصرفاتنا الحسنة