أيها الساكنُ في أشيائي

سلمى الجابري
يا رجلُ أجاد امتلاكي بقلبه، بروحه، باسمه وبرائحته، يا طفلُ علمني معنى الأمومةِ مبكراً، كم أحبُ هذه الحياة التي جمعتني بك بفعل القدر، وكأننا كنا مُذّ قديم العمر معاً، وكأن كل الذكريات طوّعت من أجلنا، فأنت لم تحبني عبثاً، كما أنني لم أثق في هذا الحب سدىً. خطوة واحدة إليك كانت كافيّة لتؤكد لي أن الحب الذي لطالما كنت أترقبه، ها أنا بدأت أعيشه معك وبك. يا عذابي، يا اشتياقي، يا حناني، يا شغفي وشغبي، يا راحتي وسكينتي، يا أنايّ في الوحدةِ والكثرة، أيها الحاضر بصورةٍ ملائكيّة، أيها القريب جداً مهما ابتعدنا، أيها الساكن في أشيائي كوميضٍ يوقظ الذاكرة من سباتها عنوة، كم أحب اللحظة التي تأتيني بك من أقصى درجات الحنين لهفة، فأنت لم تكن لتصبح عاديّ الحضور والغياب بالنسبة لي، فأنا أحببتك لأنك لا تشبه أحداً سواك، أحببتك لأنك لا تهاب هذا المجتمع العقيم بأفكاره وعاداته، فدوماً أجدك محصناً بالحجج والبراهين الدامغة، تلك البراهين التي يتم غالباً الأخذ بها رغم اعتراض العالمين بها، أحببتك لأنك أصبحت لي كل الوجوه، كل الأسماء، كل الأصوات والرجال. وأنت يا صديقي لا تقلق.. ثمة شعورٌ مجزٍ سيأتيك من بعد أعوام طائلة بالتيهِ والفقد، سيأتيك وهو يبتسم، وبالحبِ يتسم، حتى يعيدك إليك بولادةٍ لم تكن تترقبها. مهما فقدنا إيماننا الكامل بالحب، ستجمعنا الأقدار مع من سيصالحنا معه من جديد