mena-gmtdmp

من منّا لم يحترق.. ولم يذب

سلمى الجابري
دع مشاعرك تتداعى بين صخبِ أشيائك المحبوبة وتنهد. لا شيء سيحبك كما تفعل زهورك الاصطناعية، زجاجات عطرك الفارغة، تماثيلك الصغيرة، كتبك التي اجتاحها الغبار، قبل أن تجتاحها يدك، لا شيء سيحبك كآلتك الكاتبة، شموعك التي لم تسأم من الذوبان بعد، صندوق أسرارك الكبير، الممتلئ بذكرياتك، بذكرياتِ علاقاتك العاطفية، بصورك، بأوراقك المزدحمة بخطِ كل من أحببت، انظر للوحتك الناقصة، للرزنامة المتوقفة أمام هامش الحياة، استمتع بلذة هذا الصمت، وتمايل، تمايلاً كما يرقص الدرويش بشغفِ كل المتصوفين معًا، لا تتوقف، إلا عندما تتوقف روحك عن البكاء. من منّا لم يحترق! ولم يَذُب! كن كالناي الذي مهما ارتفع صوته، سقط باكياً. لا شيء ينهينا كما تفعل تفاصيلنا العزيزة فينا، لا شيء يصفعنا ثم يحيينا، كما تفعل أصوات من نحب، لا شيء يدفعنا لمجابهة كل هذه الوحشة، إلا لأننا نشعر بأننا سنجدهم عند الضفة الأخرى من اللهفة، ينتظروننا، وكأننا لم نفترق، وكأننا لم نغرق ولم نحترق.. من منّا لم يحترق.. ولم يذب