جمال اللحظة

أميمة عبد العزيز زاهد

 

لماذا نشعر دومًا بأننا نشتكي من أنفسنا لأنفسنا؟ ولماذا تنام آلامنا بداخل أعماقنا وتسكن جروحنا في قلوبنا.. وتقبع ذكرياتنا الموجعة في ذاكرتنا؟ ولماذا نذبح عواطفنا قسرًا؟ ولماذا نكتم آهاتنا بين ضلوعنا؟ ولماذا نحبس دموعنا في مآقينا؟ ولماذا نُصر على عدم نسيان معاناتنا؟ ولماذا لم نتمكن من استيعاب الصدمات ولم نقوَ على الهروب منها؟ وعندما تسير الأمور عكس ما كنا نتمنى، نتذمر ونندب سوء حظنا ومعاندة ظروفنا لنا؟ تُرى لماذا لا نحسن الظن بالله؟ فهو من قال، جل في علاه، أنا عند ظن عبدي بي؛ فلماذا لا نرمي همومنا وأحزاننا ومعاناتنا ومآسينا وكل ما يكدر علينا حاضرنا وكل ما يؤرقنا في مستقبلنا وكل ما آلمنا في ماضينا، ونسلمه بكل ثقلنا لملك الملوك وخالق القلوب ومدبر الأمور، الرءوف الرحيم الغفور، لماذا لا نتيقن بأن حياتنا من صنع أفكارنا؛ فنحن من نلونها من خلال نظرتنا لها، ونشكلها من خلال عاداتنا السلبية أو الإيجابية، ومن نظرتنا المتفائلة أو المتشائمة لأنفسنا وللآخرين، وفي النهاية نرسم حياتنا كما حددناها، وبناء عليه سنشعر بالسعادة أو الشقاء؛ فكل منا يعرف هدفه ويخطط له، ويبذل أقصى ما لديه لتحقيق ما يريد، ويركز على ما يمكن فعله؛ لأنه يعرف قدراته ومهاراته وميوله؛ فلديه من القوة ما يجعله يقبل؛ بل ويسعى نحو التحديات والفرص التي تتيح التطور، ولديه القدرة على رفض كل ما هو سلبي، وكل ما يقلل من نشاطه أو يحبطه، ويؤمن أن الفشل ليس إلا خطوة نحو النجاح؛ فلا يركن إلى الواقع السلبي، ولا يصبح أسيرًا لآلامه؛ فإذا كان يحلم بأن يحقق طموحاته؛ فسيتابع تحقيق أحلامه، ولن يستمع لكلمات الخاذلين لطموحه، ولن يرافق إلا من يقوي من عزيمته ويشجعه.. فهو أولاً وأخيرًا يعتمد على الله، سبحانه وتعالى، ومؤمن بأن نظرته لذاته وطموحاته هما اللذان يحددان نجاحه من فشله؛ لذا علينا أن نجاهد في تعديل سلوكياتنا، ونواجه أنفسنا بعيوبنا وما أكثرها؛ فلا استسلام ولا تخاذل، علينا أن ندربها على تعديل أي خلل؛ فما العلم إلا بالتعلم، والحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر علينا أن ندرب أنفسنا على حسن الخلق، وعلى المصارحة الصادقة، والتقييم الذاتي لكل تصرفاتنا.
وأنْ نتذكر أنّ كل ثانية، وكل دقيقة، وكل ساعة، تخصم من أعمارنا ولا ندري في أية لحظة منها ستكون هي لحظتنا الأخيرة؛ فلا شيء يستحق أن نتألم.. أو نندم أو نندب أو نبكي أو نتذمر من أجله، ولا شيء يستحق أن يجعلنا نصل إلى مرحلة ننسى فيها السعادة ونتذكر الشقاء، ونجتر تفاصيل معاناتنا.. فنتألم فوق آلامنا.. ونزيد خوفنا خوفًا.. ونعمق جروحنا نزفًا.. وشرعنا قد أمرنا بحسن الظن والتفاؤل، والبعد عن التشاؤم والتطير؛ لأن الإنسان الإيجابي يطبق مبدأ التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، ويسعى دومًا للتميز ويتطلع للنجاح مهما كانت ظروفه.