فتاة تعاني من حالة نادرة لفقدان الذاكرة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية - الصورة من موقع unsplash

تستيقظ رايلي هورنر صباح كل يوم لتستعد للذهاب للمدرسة، لكنها سرعان ما تشعر بالحيرة بعد أن تقرأ التاريخ على هاتفها، فهي تعتقد أنه الـ11 يونيو 2019، وتكون صدمتها أكبر بعد أن تخبرها أمها بأنها تعاني من إحدى أغرب حالات فقدان الذاكرة، حيث لا تستطيع الاحتفاظ بأي ذكريات جديدة بعد ذلك التاريخ.
وما يزيد الأمر غرابة أكثر، أنها بعد ساعتين ستضطر لخوض هذا النقاش مرة أخرى، لأنها ستعود للاعتقاد أنها تعيش في الـ11 يونيو 2019، وهو اليوم الذي تعرضت فيه لإصابة في الرأس، وتغيرت حياتها للأبد.
ومنذ ذلك الحين تحاول التكيف مع الوضع بطريقتها وتذكير نفسها بما فاتها خلال هذه السنوات، ثم تعود للقيام بذلك كل ساعتين.

سبب الحالة

بينما كانت رايلي هورنر في حفلة راقصة في حلبة التزلج مع زملائها من المدرسة في الـ11 يونيو 2019، وقع حادث بدا للوهلة الأولى لجميع الحاضرين عادياً وغير خطير، سقط صبي كان يتزلج، على رايلي، وسقطت رايلي أيضاً وعانت من ألم بسيط في رأسها جراء الضربة.
وبحسب سارة هورنر، والدة رايلي: "لقد أخذوها مباشرة إلى المستشفى بعد الحفل، وبعد إجراء الفحوصات أكد الأطباء أنها لا تشكو من أي مشكلة، ولا حتى ارتجاج في المخ، ويمكنها المغادرة لمنزلها، لأنها بخير".
وأضافت سارة أنهم بعدما استقلوا السيارة من المستشفى متجهين للمنزل، بدت رايلي الجالسة في المقعد الخلفي مشوشة قليلاً، وسرعان ما انتابتها نوبات شبيهة بنوبات الصرع، لتتعرض خلال الساعات القليلة التالية لسلسلة من 30 إلى 45 نوبة.
وفي اليوم التالي للحادثة، لم تكن رايلي تتذكر ما حدث بالأمس، وكان واضحاً للجميع أنها تعاني من فقدان الذاكرة.

فقدان الذاكرة التقدمي

واتضح لاحقاً أنها تعاني من أحد أنواع فقدان الذاكرة نادر الحدوث، وهي حالة "anterograde amnesia" أو "فقدان الذاكرة التقدمي"، وهو نوع من فقدان الذاكرة المصاب به يتذكر حياته الماضية بكل وضوح، ولكنه لا يستطيع تكوين أي ذكريات جديدة من بعد اللحظة التي يصاب بها بهذه الحالة، ويعني هذا أنه يفقد بشكل دائم القدرة على التعلم أو الاحتفاظ بأي معلومات جديدة.
وفي مقابلة مع موقع fox17، أوضحت رايلي: "أي شيء مررت به مؤخراً، وكأنه غير موجود، وليس لديّ أي ذكرى عنه، لذا عندما يتحدث الناس عنه، يكون الأمر محيراً للغاية، وكأنه لم يحدث لي".
وخلال الأشهر الخمسة التي تلت الحادث، ذهبت رايلي هورنر إلى 5 مستشفيات مختلفة وعاينها عدد لا يحصى من الأطباء. وأخبرها الجميع بأنها مصابة بارتجاج في المخ وستتحسن في غضون يومين، لكن الأيام تحولت لشهور والشهور لسنوات، وطوال تلك السنوات استمرت الحياة من دون رايلي.
قالت سارة في مقابلة بعد شهور من إصابة رايلي: "ينظر الناس إليها على أنها طبيعية ولا بأس بها، لكني أرى أنها خسرت دراستها في المدرسة الثانوية، وفقدت أصدقاءها".
الأمر الأكثر مأساوية هي اضطرارها لسماع الأخبار السيئة، مثل خبر وفاة شقيق والدتها، لتمر بنفس المشاعر الحزينة بشكل يومي أحياناً. تقول والدتها: "توفي أخي بعد شهور من تعرض رايلي لفقدان الذاكرة، وليس لديها أي فكرة. وقد نضطر لإخبارها مراراً".

طريقة رايلي للتأقلم مع الحالة

لم تستسلم رايلي هورنر لحالتها وحاولت التأقلم بإيجاد طريقة لتذكير نفسها باستمرار، بطبيعة حالتها وأنها تعاني من فقدان الذاكرة، وقررت العودة للمدرسة.
ومن أجل مواكبة الدراسة، احتاجت رايلي إلى ترك ملاحظات تفصيلية، والتقاط صور لها على هاتفها، وضبط المنبه كل ساعتين حتى تتمكن من متابعة ما نسيته. في كل مرة يرن فيها المنبه، تقرأ رايلي ملاحظاتها لتذكر نفسها بكل شيء تعلمته للتو.
وفي مقابلة صحفية لموقع wqad، قالت رايلي وهي تقلب الملاحظات على هاتفها المحمول: "لديّ ملاحظات على هاتفي، عندما أستيقظت هذا الصباح، هناك آلاف الملاحظات، أعلم أنه صعب على من حولي بقدر ما هو صعب عليّ. والناس لا يفهمون. إنه مثل فيلم، مثلاً لن أتذكر هذه المقابلة عندما يأتي وقت العشاء".
تابعي المزيد: أسباب فقدان الذاكرة المؤقت

نهاية سعيدة لقصة رايلي

الخبر الجيد أن هناك نهاية سعيدة في قصة رايلي هورنر، حيث نشرت والدة رايلي في فبراير عام 2023 على صفحة في موقع فيسبوك لجمع التبرعات ومساعدتها في حالتها الطبية، منشوراً شرحت فيها آخر أخبار هايلي والتقدم الذي أحرزته في حياتها.
وأوضحت أنهم تمكنوا مؤخراً من العثور على طبيب أحرز تقدماً في علاجها، فهو وإن لم يستطع شفاءها من فقدان الذاكرة الذي تعاني منه، لكنه ساعدها في الاحتفاظ بذكرياتها بشكل أكبر. ولكنها لا تزال ذكريات ضبابية أحياناً.
اليوم وبعد 4 سنوات على إصابتها تبلغ رايلي 20 عاماً، ومع تقدم العلاج وتحسن حالتها قليلاً، واستطاعتها الاحتفاظ بالذكريات لوقت أطول دخلت مدرسة التمريض.
وتقول والدة رايلي: "نحن ندرك أن رايلي لن تكون هي نفسها القديمة مرة أخرى، لكن من الصعب رؤيتها أحياناً تضطر إلى العمل بجد أكثر من الآخرين. لا تزال رايلي تعاني من فقدان الذاكرة، ليس بالسوء الذي يحدث كل ساعتين، هذا يضايقها كثيراً إنه صعب في المحادثات العادية وهو صعب للغاية مع مدرسة التمريض".
وبحسب المنشور على صفحة فيسبوك تكافح رايلي يومياً، لكن بفضل نظام دعم جيد جداً في المنزل والمدرسة. وأصدقائها المقربين للاعتناء بها فإنها تبلي جيداً في مدرسة التمريض، كانت لديها بعض الفصول الدراسية الصعبة للغاية، لكنها نجحت في الامتحانات.

يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على تويتر