مديرة البرامج المجتمعية في المجمع الثقافي بأبوظبي.. التشكيلية سمية السويدي: علينا حذف كلمة "الخوف" من قاموسنا لننجح

سمية السويدي فنانة تشكيلية إماراتية، حاصلة على جوائز عديدة، ولدت في إمارة أبوظبي، وحصلت على درجة الماجستير في الفنون والصناعات الإبداعية من كليات التقنية العليا. تشعر بحماسة كبيرة تجاه الفن الرقمي، وقد عرضت مجموعتها الفنية الأولى في عام 2001، التي استوحت موضوعاتها من حياة وإنجازات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.

شغفها بالفن والمعارض ومثابرتها جعلاها تصل إلى منصب مديرة البرامج والفعاليات المجتمعية في المجمع الثقافي بأبوظبي، حيث التقيناها هذا الحوار لتحدثنا عن أبرز الفعاليات والمعارض الفنية التي ينظمها المجمع وما يميزها، وآخرها التي أقيمت في شهر مايو 2023، ومن بينها معرض "جنون الكارتون"، الذي لاقى رواجاً واستحساناً كبيراً من زوراه والمشاركين فيه، كما ألقت الضوء على واقع الفن التشكيلي في الإمارات.


أبوظبي |  عمرو جمال Amr Gamal

تصوير |  عبد الله رمال Abdallah Rammal


ما هي أبرز المميزات التي تتمتع بها البرامج والفعاليات المجتمعية التي تقومون بتنظيمها في المجمع الثقافي بأبوظبي؟


ما يميز فعالياتنا وبرامجنا هو أنها تخاطب الزوار، سواء كانوا صغاراً أم كباراً، وتعمل على تعليمهم أساليب وتقنيات جديدة في الفنون وغيرها من المجالات، كذلك لدينا المكتبة التي تساعد الصغار والشباب في عمليات التثقيف المستمرة والشيء نفسه بالنسبة للكبار.

نسعى في المجمع الثقافي بأبوظبي، قدر الإمكان، أن نتماشى مع كل ما هو جديد، ونفتح الأبواب المختلفة في عالم الفنون والفعاليات، فالناس والجمهور يحبون الأشياء الجديدة والمختلفة، ويتجمعون حولها ونحن نحاول أن نكون حلقة الوصل بين المجمع الثقافي والفنان والمجتمع نفسه، لنكون في نهاية الأمر عبارة عن جسر يجمع الثقافات كلها مع بعضها البعض.

سيعحبك متابعة اللقاء مع المصمّمة والتشكيليّة رحاب أبوراس: الزخارف التصميميّة تعكس هوية الإنسان


معرض "جنون الكارتون"

التشكيلية سمية السويدي


أقمتم شهر مايو الماضي فعالية معرض "جنون الكارتون" المختص في عالم الأنمي والكارتون، وشهد رواجاً كبيراً، فماذا عنه؟


أطلقنا معرض جنون الكارتون للمرة الثالثة حيث كانت البداية في مدينة العين عام 2017؛ والتالي في منارة السعديات، لكن هذه المرة استطعنا أن نقدمها بطريقة مختلفة حيث عرضنا تاريخ الكوميكس في الوطن العربي، وحين نتحدث عن الكوميكس بالعربي، فمعظم الناس ليس لديهم أية معلومات عنه، فلا يعرفون أين وكيف ومتى بدأ، وهذا ما توصلنا إليه عبر العديد من الأبحاث التي أجريناها في أثناء التحضير للمعرض، واكتشفنا أن الكوميكس كان موجوداً في الوطن العربي منذ عام 1877م تقريباً، وكان ذلك بمثابة الصدمة لنا؛ ولذلك كان من الضروري أن نعرض ذلك بهدف تثقيف الجمهور، وليس فقط رؤية مسلسلات الكارتون المحببة لهم منذ الصغر، فعرضنا معلومات لم تكن موجودة من قبل، وربما لا يعرفها معظم الناس.

انقسم المعرض إلى قسمين قسم "الرسوم المتحركة اليابانية"، التي تم إنتاجها بلغتها الأصلية في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، لكن تم دبلجتها إلى اللغة العربية، ونقلها إلى الوطن العربي في الثمانينيات، أما القسم الثاني، فكان عبارة عن "عالم الكوميكس العربي" الذي امتد من مصر، حيث وجد عام 1877م، إلى لبنان ثم الجزائر والمغرب.

ماذا عن المشاركين في المعرض، كم بلغ عددهم؟

بلغ عدد الفنانين المشاركين في المعرض 49 فناناً، من بينهم 30 فناناً إماراتياً، و19 فناناً من عدة دول مختلفة، عربية وغير عربية؛ فشارك فنانون لا يتحدثون اللغة العربية، فكان جميلاً أنهم قاموا بترجمة المجلات العربية ذات الثقافات العربية إلى رسوم فنية مميزة.

المعرض أيضاً كان بمثابة فرصة لهؤلاء الفنانين للتعرف إلى بعضهم البعض، ويتعرف كل منهم إلى مشروع الآخر من أجل تبادل الخبرات والأفكار الإبداعية والثقافات، خاصة وأنهم من مدارس فنية مختلفة، فكان من الرائع أن نلتقي جميعاً داخل معرض واحد ونتبادل ثقافاتنا.

 

الكوميكس عبارة عن ألوان مبهجة بمعنى أنه بمجرد أن ترى اللون تشعر بالفرح والسعادة

 


رسائل تثقيفية

ما هي الرسالة التي أوصلتها الأعمال الفنية التي عُرضت داخل معرض "جنون الكارتون"؟

كل عمل فني عُرض في المعرض كان يحمل رسالة خاصة به، حتى قصص الكارتون اليابانية الشهيرة التي انتشرت في عالمنا العربي عندما دُبلجت إلى اللغة العربية، فلكل كارتون قصة ولكل قصة رسالة، الشيء نفسه بالنسبة لقصص الكارتون التي قدمت في البلدان العربية، ومن دولة الإمارات أيضاً مثل "عزام فارس الطبيعة" أو "مع إمارة" أو "عجاج"، الذي أنتج عام 2011، كل تلك القصص تحمل رسائل تثقيفية ذات طابع جميل للغاية، تشجع الناس وتدلهم على الطريق الصحيح بطريقة مسلية ومشوقة، وتثير انتباه الصغار، وفي الوقت نفسه تعلمهم، وتفيدهم ليتذكروها عند الكبر.

علمنا أن التحضيرات للمعرض استغرقت 3 أشهر تقريباً فكيف كانت كواليس التجهيزات؟

بالفعل استغرقت التحضيرات للمعرض 3 أشهر بداية من الترتيبات والتصميم حتى اختيار الشركة المنفذة للمعرض، تواصلنا مع أكثر من 70 فناناً، وتبادلنا المعلومات معهم، ودرسنا أعمالهم الفنية لنرى إذا كانت تناسب المعرض أم لا، خاصة أننا اشترطنا أن تكون كل الأعمال الفنية المشاركة جديدة وتعرض للمرة الأولى، وأن تكون صنعت خصيصاً من أجل المعرض، حيث تواصلنا مع الفنان مباشرة، وأعطيناه المعلومات والمواضيع الخاصة بالمعرض لتساعده على تصميم عمله، وفي النهاية تم الاستقرار على الفنانين الذين شاركوا.

نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع الفنانة التشكيلية باولا أنزيكا: قبل الحياكة اليدوية أبحث وأتعمق في النصوص والصور

شعور الفرح والسعادة

التشكيلية سمية السويدي

ما هو مصدر الإلهام الأساسي الذي اعتمدتموه في تصميم ديكورات المعرض؟

مصدر الإلهام كان من الكوميكس؛ لأن الكوميكس عبارة عن ألوان مبهجة بمعنى أنه بمجرد أن ترى اللون تشعر بالفرح والسعادة، سواء كنت صغيراً أو كبيراً؛ لذلك اعتمدنا هذه الألوان لتعبر عن فكرة المعرض، وكان أيضاً من المهم أن نغير الفكرة التقليدية لدى المشاهد أو الزائر عن المعارض الفنية، حيث إنه تعوَّد على أن يكون لون المكان أبيض، والأعمال توضع على جدران بيضاء، لكن في معرض "جنون الكارتون" ركزنا على التصميم غير التقليدي ليكون خاصاً ومميزاً ولديه نكهة خاصة.

كيف ترين واقع مجال الفنون داخل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام؟

الواقع بخير، خاصة فيما يتعلق بالجيل الجديد، هناك دعم كبير من الدولة للشباب والبنات المحبين لدخول عالم الفنون وخاصةً فن الكوميكس، ومن منا لا يحب فن الكوميكس؟! فنحن نحبه ونتعلق به مُذ كنا صغاراً، لكن هناك من يكبر ويهتم بمجالات أخرى وهناك من يتمسك به، وأرى أن هناك مستقبلاً كبيراً لهذا المجال في دولة الإمارات.

 

أطلقنا معرض جنون الكارتون للمرة الثالثة حيث كانت البداية في مدينة العين عام 2017

 


مفاجأة كبرى

ماذا عن جديد الفعاليات التي سيتم تنظيمها في المجمع الثقافي بأبوظبي الفترة المقبلة؟

نحن انتهينا مؤخراً من تنظيم 4 معارض فنية تم تنظيمها في شهر مايو الماضي، وكذلك أطلقنا عدة فعاليات تم تنظميها في مسرح المجمع الثقافي بأبوظبي، لكني أعد الجمهور بمفاجأة كبرى سيتم تنظيمها داخل المجمع فانتظروها بمشيئة الله تعالى.

ما هي رسالتك التي تحبين أن توجهيها لمحبي الفنون والجمهور بشكل عام؟

الرسالة التي أحب أن أوجهها للجميع هي أنه لا يوجد ما يسمى بـ "الخوف"، عليكم بحذف هذه الكلمة من القاموس؛ لأنه إذا أحببتم العمل والمشروع الذي تعملون عليه فلا داعي للخوف، فقط ثابروا واعملوا من القلب؛ لأنه من دون المثابرة في العمل لما كنت أنا أقف اليوم في هذه المكانة بعد 20 عاماً من العمل والاجتهاد، فقط استمروا وافعلوا ما تحبونه ولا تخافوا.

نفترح تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر: الفن الحقيقي إبداع فطري ومهارة مكتسبة