الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر: الفن الحقيقي إبداع فطري ومهارة مكتسبة 

الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر: الفن الحقيقي إبداع فطري ومهارة مكتسبة 
الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر: الفن الحقيقي إبداع فطري ومهارة مكتسبة 

حين تدخلُ مملكتها، وتمسكُ ريشتها، تختفي أصوات الضجيج من حولها.. تغلق عينيها، تفكِّر، تتخيَّل، تستشعر إبداع الخالق، تبتسم، وترسم، وتبدع في طرح الأسئلة بصمتٍ من خلال أعمالها، وتترك الاحتمالات مفتوحةً من دون أن تلزم المتلقي بأي نتيجة. خالفتنا القول حين ذكرنا، أن الفن يسرق الفنان من عالمه، فالفنان في نظرها حرٌّ وطليقٌ ومنغمسٌ في كل تفاصيل الحياة، خاصةً إذا ما حرَّر فنه من وطأة التوقعات والانطباعات. لم يجذبها الفن الرقمي، فما زال يستهويها ثراءُ الفن المحسوس بألوانه وأقمشته ومواده.. تحبُّ الكتابة كما الرسم، ومن خلال قلمها وريشتها، صنعت عالم وداد البكر الإبداعي، الذي حرصت على تمريره عبر التدريس. «سيدتي» التقت الفنانة التشكيلية السعودية وداد البكر في استوديو مساحة الرواق الفنية بمملكة البحرين؛ حيث تقدم الاستشارات والتدريس، فأفردت أوراق إبداعاتها، وكشفت عن أسلوبها الفني.



حوار | عبير بو حمدان Abeer Bou Hamdan

تصوير | علي الرفاعي Ali Alrifai

موقع التصوير | استوديو مساحة الرواق الفنية في مملكة البحرين



 

الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر

 

على الفنان الاستمتاع بتجربة الرسم نفسها، فحين ينهي لوحته لا تعود ملكه

 


أصبحتِ تنظرين إلى الفن على أنه الحياة، وأن كل ما نعيش فيه هو فنٌّ بطريقةٍ أو بأخرى، ما السر وراء ذلك؟


هذا ما أراه، وأرقبه في كل شيءٍ. يحلو لي أن أكون المراقب الصامت، انظروا حولكم الآن! إنَّ كل ما ترونه هو إبداعٌ؛ المكان، والطبيعة، والتفاصيل. نحن، وكل شيء، هو من الله عز وجَّل الخالق البارئ المصوِّر. حين نتأمَّل آيات الله وميزانه في ما نستطيع أن نراه بأعيننا من مخلوقات، سنستشعر العظمة الإلهية، أليس ذلك بإبداعٍ؟! سبحان الله البديع.

الفن اتساعٌ، وخلقٌ، وابتكارٌ، وتغييرٌ، وتجدُّد، يشمل كل ما نعمله. يذكِّرنا الابتكار والخلق والإبداع بأننا نستطيع أن نعمل، ننتج، ونُحدث تغييراً إذا عزمنا وتوكَّلنا، ولعلنا في »كن فيكون» في كل يوم وليلة، سبحان الله. سأطرح عليك سؤالاً: من دون فنٍّ، هل تبنى المدن؟ كلا! إذاً، كلنا فنانون لإعمار الأرض بالتواصل، والعمل، والاكتشاف، والتطوير.


هل الفن مهارةٌ مكتسبةٌ أم إبداعٌ فطري؟


الفن الحقيقي، هو إبداعٌ فطري، ومهارةٌ مكتسبةٌ معاً، بدليل أن هناك كثيراً ممَّن يدرّس الفن، وعلى درايةٍ بكل المهارات، لكنه لم يتمكَّن من اكتشاف الإبداع الذي يملكه كي تظهر بصمته المميزة! في المقابل، هناك مَن اكتشف، وعرف أن لديه إبداعاً فطرياً، لكنه لم يعزِّزه بالمهارة والتدريب، فلم يظهر أو يزدهر. الإبداع الفطري، يحتاج إلى سعي ليظهر، هو كالبذور، تبذر في الأرض، وتسقى، وتأخذ وقتها في النمو والتجذُّر لتزدهر. أما أنا، فأؤمن بأن كلاً منَّا فنانٌ في مجاله وتخصُّصه.


تحرَّرت من ربط فني بالتوقعات


معظم الفنانين منذ بداياتهم وطوال مسيرتهم، يضعون نصب أعينهم هدف إثارة الإعجاب ولفت الانتباه لفنهم، لكن وداد البكر لم تربط فنها بالتوقُّعات والانطباعات، لماذا؟


أنا كنت واحدةً من هذا المعظم، وما زلت أحبُّ أن يحبَّ الناس ما أبتكر وما أبدع، لكن أخيراً تحرَّرت من ربط فني بتلك التوقُّعات والانطباعات. أرسم لأنني أحبُّ أن أرسم، وأكتشف، وأستمتع، وما حدث أنني لم أعد أهتم بالنتيجة لأجل تلك الأهداف التي ذكرتها، فأصبحت العملية الفنية حرةً، وفيها عمقٌ. حين أرسم، أكون في صبرٍ، والصبر مرتبطٌ بالجمال، ويعني الاستمرارية، وهو من أدوات السعي، لذا خرجت أعمالي من دائرة التطرف، وإذا كان هدفي من الفن والإبداع، هو إثبات نفسي، فأنا لا أستحقُّه!


شهد فنكِ تغييراً في الطرح والأسلوب، واتَّجه إلى التجريد، هل التجريد وسيلةٌ أسهل لنقل الخيال والمشاعر؟


حين يرسم الفنان، يأخذ معه تجاربه، وأفكاره، ومشاعره، ومرسمه، وخياله الثري في رحلة تجديدٍ واكتشافٍ، هم مثل مجموعةٍ من الأصدقاء المتناغمين. التجريد هو عتبةٌ من عتبات الفن، فقد تكون الفكرة التي تود الظهور أوضح بالتجريد. أما عني، فأعتقد أنني خرجت عن التجريد، تعدَّيته، فحين أرسم، أدرك أنني ألتقي بنفسي، وبالخامات التي أمامي، بما يحيطني، بالأصوات، وبالموسيقى، بالنوافذ، أكون مع الرسم، وفي الرسم هنا، والآن في اللحظة الحاضرة. حين يكون الفنان في وعي هذه اللحظة، يصبح بالفعل أمام إمكاناتٍ واحتمالاتٍ عظيمةٍ للوحة الماثلة أمامه، التي تعتمد كلياً عليه، وكيف يريد أن يوظِّفها. أنا مهتمةٌ بالمساحة ما بين البينيْن، ما بين الشيء والشيء، هذا الفراغ احتمالاته قويةٌ. أريد أن أطرح أسئلةً بصمتٍ من خلال أعمالي، لا أن أعطي المتلقي اتجاهاً، أو نتيجةً ما، فلا إجاباتٍ عندي له.

تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع المحامية غادة العيدي: أسعى إلى خلق بيئة قانونية قوية وفق «رؤية 2030»

 

لا أعتقد أن الفن سيفقد «الروحية الإبداعية» بسبب الفنون الرقمية

 


هويةٌ فنية

 

الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر



كيف أثَّر تخصُّصكِ في الأدب والشعر في تكوين هويتكِ الفنية؟


هويةٌ فنية؟ هذا المصطلح لا أعيره كثيراً من الاهتمام، فالهوية الفنية، ليست بصمةً لا تتغيَّر! هي في تجدُّدٍ دائمٍ؛ متحركةٌ، ومتغيِّرةٌ، ومتلوِّنةٌ، وراقصة. أما عن الأدب والشعر، فأنا أحبُّ الكتابة كما الرسم، وهما متصلان في مرسمي بتناغمٍ جميل، مثل رقصاتٍ في مسرحيةٍ ملحميةٍ، أنا فيها المؤلف، والمخرج، والممثل، والنص، والمسرح، ومهندس الديكور، والراقصون، والأضواء، والموسيقى، والجمهور.


في رأيكِ، هل ينقل الفن التشكيلي، في عالمنا العربي، الصورة الحقيقية عن مجتمعاتنا، وما فيها من إرثٍ ثقافي واجتماعي؟


الفن خيالٌ، يظهره الفنان إلى العالم المحسوس. هل يجب على الفنان أن ينقل الحقيقة، وما الحقيقة؟ الفن حرٌّ، قد يعبِّر عن حالةٍ خيالية، أو قد يستمدُّ موضوعاته من الواقع، وقد يدمج الخيال والواقع معاً، والفن ومن دون قصدٍ، بطريقةٍ عفوية، هو ناقلٌ لفكر المجتمع، ووعيه، وحضارته، وثقافته. أما الإرث الثقافي فهو مرجعيةٌ مهمةٌ جداً، وجذورٌ وأرشيفٌ لكينونة الحاضر الآن، ولا يستغنى عنه، فهو الأصل والعمق الحضاري.


مهما تعدَّدت سنوات الخبرة، ومهما حقق الفنان من شهرةٍ ونجاحاتٍ، يظل في حاجةٍ دائمةٍ إلى تطوير أدواته وأفكاره، ما استراتيجية وداد البكر في تطوير رؤيتها الإبداعية؟


أعتقد أن كل إنسانٍ، أياً كان عمله وتخصُّصه، يجب عليه أن يطوِّر من نفسه. ليست لدي استراتيجياتٌ، لكنني أعرف أننا حين نطوِّر من أنفسنا، ونتغيَّر، ونخرج من الأطر المكرَّرة القديمة، سينعكس ذلك إيجاباً على إبداعنا تلقائياً. نحن في عصرٍ وتيرته سريعة، هو عصر المعلومات، والجهل بها وتجاهلها اختيارٌ شخصي.


لا أحمل رسائل في لوحاتي


هل تأثَّرت رسائلكِ الفنية بتغيُّر البيئة المحيطة بكِ بسبب مشاركاتكِ الإقليمية والعالمية؟


لا أحمل رسائل في لوحاتي، بل أطرح أسئلةً، كما ذكرت، وقد ألقي ضوءاً على زاويةٍ. هذه المشاركات، زادت تجربتي الفنية ثراءً واتساعاً، وهذا من فضل ربي، ولله الحمد، وأنارت لي مساحاتٍ مميزة لمزيدٍ من التعلُّم والتجريب، وفرص العمل الجماعي والتعارف، وساعدتني على ترك معتقداتٍ وبرامج فنية وغيرها لم تعد تخدمني.


تُعدِّين من الفنانات صاحبات المبادرات الإنسانية والاجتماعية، ما أهمية الدور الذي يقوم به الفنان في هذا السياق، ولماذا يتوقَّع منه الجميع أن يكون صاحب مبادراتٍ ومساهماتٍ اجتماعيةٍ وإنسانية؟


الفنان يؤثر ويتأثر، سواءً أدرك ذلك، أم لم يدرك، ولا أعتقد أن الجميع يتوقَّع منه أن يكون صاحب مبادراتٍ إنسانية. هو حرٌّ، من الممكن أن يكون صاحب مبادراتٍ إنسانيةٍ خارج فنه. هذه المبادرات، التي تهدف إلى التواصل ونشر وتأكيد القيم العليا للسلم والإحسان، تنبع من رغبةٍ وحبٍّ وشغفٍ شخصي أياً كان صاحبها، أما إذا كان المبادر فناناً، فستكون مبادرته قويةً؛ لأنه سيوظف أدواته وموهبته من أجل نشر السلام، ومساعدة الناس، وتعليمهم، وإعطائهم فرصاً للتميُّز والاستفادة.


حدِّثينا عن تجربتكِ في تدريس الفن، وكيف نقلتِ خبراتكِ الفنية من خلال محاضراتكِ التعليمية وورش العمل التي تقدمينها؟


تتأثر تجارب الفنان بقراءاته، ومشاهداته، واطلاعه على تجارب وثقافاتٍ مختلفة، واستمراريته في التطوير والتجدُّد، وحين رأيت ذلك فيما أعمل، أدركت أنه تمكينٌ من الله تعالى، فوجب عليَّ أن أتبع سبباً، وأدخل في منظومة السعي بشكلٍ أوسع لأُنفع وأنتفع، لأرقى ويرقى الآخر، لأبدع ويبدع، فقرَّرت أن أعاود تدريس الفن من جديد عام 2019، وفتحت مرسمي لمَن هو مهتمٌّ بتطوير موهبته الفنية. التدريس والإرشاد الفني تجربةٌ جميلةٌ جداً، فيها كثيرٌ من الإحسان، ويملأها حبٌّ وإبداعٌ وتزهّرٌ. صدقاً، أحياناً كثيرة، أتعلَّم من تلاميذي، يلهمونني مثلما ألهمهم، فتصبح التجربة الفنية في ثراءٍ ونماءٍ متصلةً ببعضها، وفي دورانٍ مستمرٍّ، وهذا شيءٌ جميل.

وفي العام الجاري، حظيت بدعوةٍ كريمةٍ من مساحة الرواق الفنية في مملكة البحرين للإقامة الفنية، إضافةً إلى التدريس والاستشارات الفنية، ولله الحمد، هذا إلى جانب استمراري في العمل والتدريس في مرسمي الخاص، ويطيب لي أن أذكر أن مساحة الرواق الفنية مؤسسةٌ غير ربحيةٍ، تأسَّست عام 1998، وشغلت موقعاً مهماً في الحراك الفني والثقافي إقليمياً وعالمياً، وعُرفت هذه المساحة بفعالياتها الفنية من معارض، ومحاضراتٍ، وبرامج تعليمٍ، وإقاماتٍ فنية.


كيف تتجنَّبين إسقاط أسلوبكِ الفني على هوية المتدربين الفنية؟


هذا يحتاج إلى مهارةٍ عاليةٍ جداً في التدريس، ولله الحمد أملك هذه المهارة. عادةً ما أميل إلى التدريس الفردي، طالبٌ أو طالبةٌ فقط، وهذا فيه تركيزٌ على المتدربين أكثر. أسمعهم، وأرشدهم، وأساعدهم على اكتشاف مهاراتهم. دوري دور المرشد والمراقب، والنتيجة، الحمد لله، لا أحدَ يشبهني، ولن يشبهني أحدٌ، كلنا متفرِّدون.

سيعحبك متابعة اللقاء مع التشكيلية غدير حافظ : دعاء أمي لازمني في مشواري الفني محليا وعالميا

 

لا أحمل رسائل في لوحاتي، بل أطرح أسئلةً

 


الفن الرقمي

 

الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر



يتجه عديدٌ من محبي الفن اليوم نحو الفن الرقمي، هل يستهويكِ هذا النوع من الفن؟


لا يستهويني أبداً، ولا يجذبني. قد أجرِّبه، وأبحث فيه من باب الفضول فقط.


هل تعتقدين أن الفن قد يفقد »الروحية الإبداعية» المعروفة عنه بسبب سيطرة التكنولوجيا؟


الفنون الرقمية خامةٌ عصريةٌ من خامات الفن المختلفة، ومرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالمال والكسب، وخرجت من حرية الفن، وصارت في سوق الأسهم، ولها مهتمون بها مثل أي شيءٍ آخر، ولا خلاف على ذلك. كلا، لا أعتقد أن الفن قد يفقد «الروحية الإبداعية» بسبب الفنون الرقمية، ولا أرى أنها مسيطرةٌ أيضاً. مثلما قلت، وأؤكد هنا: لا أحد يستطيع أن يهزم ما تعجُّ به المتاحف من فنونٍ وآثارٍ منذ آلاف السنين في كل أنحاء العالم، ولا أحد يستطيع أن يهزم رائحة زيتٍ على قماشٍ وتمثال رخامٍ، نُحت قبل آلاف السنين، ونسيجٍ حائكٍ وتركيباتٍ مفاهيمية لفنانٍ. أما الفنون الرقمية، فستبحث، وقد تتجدَّد، وتجرّب أكثر، وقد تذكر في تاريخ الفنون يوماً إلى أن يظهر شيءٌ غيرها أجدُّ منها، وأنا دائماً مع الاطلاع والتجديد، وآخذ ما يناسبني.


حرية الاختيار


«أن نكون الفعل وليس ردة الفعل»، متى يكون الفن هو الفعل، ومتى يكون ردة الفعل؟


هذه المقولة تعطينا مساحةً من حرية الاختيار في كل أمورنا، وتجعلنا نغيِّر القصة التي أمامنا، فأنت المؤلِّف. الفن فعلٌ وردة فعلٍ، هو حوارٌ متواصلٌ مثل العجلة التي تدور، مليءٌ بالطاقة والحياة، ملعبٌ، ومباراةٌ خلَّاقةٌ مبتكرة، لا شبيه لها، والكل فيها رابحٌ.


من سلبيات الفن، أنه يسرق الفنان من عالمه، ويأسره، هل أسركِ الفن، أم حرَّركِ، وكيف يمكن للفنان أن يتحكَّم في وقته وفنه، وليس العكس؟


أختلف مع ما تقدَّم من حكمٍ على الفن، ومن أن له سلبياتٍ، وأنه يسرق الفنان من عالمه، ولا أعلم لماذا يعتقد بعضهم، أن الفنان فقط منعزلٌ عن العالم، ومأسورٌ، ومكتئبٌ، وغريبٌ إلا من فنه ومرسمه! الفنان لو لم يكن منغمساً في كل تفاصيل الحياة، فيه ومن حوله، لما أخرج وأنتج لنا إبداعاً. الفن نعمةٌ وإلهامٌ، ومخرجٌ إبداعي للتعبير والتأثير والتعاون والتواصل والتحسين والإحسان، هو يساعدنا على فهم أنفسنا، وتأمُّل ما حولنا. لم يسرقني، ولم يأسرني، ولو كان كذلك لتركته، بل حرَّرني، وساعدني كثيراً في كل شيءٍ، جعلني في امتنانٍ: أرقب، وأدرك، وألاحظ، فأبدع، نظَّم وقتي، ودلَّني على الشعور بدهشة الطفل الصغير حين يعجبه شيءٌ، وإلى الحكمة التي تبدأ بالدهشة. الأطفال هم الأكثر فناً وإبداعاً واتصالاً، جرِّبوا أن تراقبوا طفلاً يرسم ذات مرة، فهو يرسم من دون خوفٍ، ولا يهمه النقد، حرٌّ، عكس الكبار، فهم مأسورون بمعتقداتهم، وآراء الناس عنهم، وهذا هو الأسر والسلبية.

الفن الحقيقي متواضعٌ، بل يجعلك أكثر تواضعاً ورغبةً في التواصل والنفع والانتفاع، يجعلك فناناً، ومعلماً، وكريماً، وكن على ثقةٍ، لن يسرق تفرُّدك واختلافك أحدٌ. الفن دستورٌ جميل.


من وجهة نظركِ، هل يقاس رصيدُ الفنان بعدد لوحاته، أم معارضه، أم المردود المادي الذي يحققه، أم الشهرة التي يصل إليها، أم الأثر الذي يُحدثه؟


بها جميعاً، لكن بشرط ألَّا يتعلَّق بأي منها، يظلُّ حراً، ليظلَّ فنه حراً، يرسم من أجل الاستمتاع بالتجربة، وصدقاً اللحظات التي يقضيها الفنان في مرسمه حين يرسم أمتع بكثيرٍ، فحين تنتهي اللوحة لا تعود ملكه.


لو لم تكوني اليوم فنانةً تشكيليةً، ماذا كنتِ ستكونين؟


كنت سأكون معماريةً ومهندسة ديكورٍ، فأنا أحبُّ لعبة قبل وبعد.


كلمة أخيرة لـ «سيدتي»؟


«سيدتي»... كنت صغيرةً، أترقَّب، وأتحرَّى كل آخر أسبوعٍ أعدادكِ الثريَّة، أقرأ أكثركِ، ولو أن أحداً أخبرني آنذاك بأنك ستُجرين معي حواراً، وسأكون في صفحاتكِ، لقلت «لا» تعجباً، فمنا جميعاً: شكراً «سيدتي».

نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع الفنانة التشكيلية ليلى الجندان: الذكاء الاصطناعي أداة لإنتاج أعمال فنية متميزة