يُشبه الإنسان طائرًا حراً يعشق التحليق، في داخله رغبة دائمة بأن يفرد أجنحته عالياً ليجوب الآفاق ويستكشف العالم من حوله. فالسفر شغف يجمع بين المتعة والمعرفة، وتجربة تثري الروح وتوسّع مدارك الفكر. وعند الحديث عن السفر، لا بد من التوقف عند سيرة الرحّالة الشهير ابن بطوطة، الذي لُقّب بأعظم رحالة مسلم في العصور الوسطى. بدأ ابن بطوطة رحلته من طنجة في المغرب بنيّة أداء فريضة الحج، لكنها تحوّلت إلى رحلة استكشاف طويلة انتهت بتأليف كتابه ذائع الصيت "رحلة ابن بطوطة"، أحد أهم المراجع في أدب الرحلات. دوّن فيه مشاهداته ومغامراته وقصص الشعوب التي التقاها خلال أسفاره في عديد من البلدان، بما فيها مصر والحبشة وفلسطين والشام والحجاز والعراق وبلاد فارس واليمن وتركستان والهند والصين إلى جانب عددٍ من الجزر الآسيوية. وقد لخّص تجربته بعبارة خالدة: "السفر يجعلك عاجزًا عن الكلام، ثم يحوّلك إلى راوٍ للحكايات."
يحتفي هذا العدد بـ اليوم العالمي للمدن الذي يصادف 31 أكتوبر من كل عام، وتتصدر غلافه فاطمة المطر، رائدة الأعمال الكويتية البارزة في مجال السفر والسياحة، التي وجدت شغفها وهويتها في المدن الكثيرة التي زارتها. حرصنا على أن يكون اللقاء وجلسة التصوير في أحد أبرز المواقع بوجهة البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، وهو منتجع "ديزرت روك" المذهل بتكوينه الجبلي الفريد وتصميمه الفاخر. تقول فاطمة: "تحمل مدن الخليج العربي في طياتها فرادة لا تشبه سواها، إذ تمتزج فيها العراقة العربية بروح الانفتاح على العالم. فهي مدن تأسست على قيم الثقافة الخليجية الأصيلة مثل الكرم والضيافة والاعتزاز بالهوية، وتبنت في الوقت نفسه الابتكار والتطور المستدام كجزء من رؤيتها المستقبلية."
وفي السياق ذاته، أعددنا ملفاً نسلّط الضوء فيه على أسبوع الأزياء بالرياض، الذي شهد في نسخة 2025 أقوى مواسمه منذ انطلاقه قبل ثلاثة أعوام. العروض في هذا الحدث، عكست مستوى متميزاً من التطور والنضج الإبداعي، من خلال مجموعات جمعت بين الأصالة والحداثة في مشهد احتفالي رائع، زاده إضاءة مشاركة المواهب السعودية في مختلف تخصصات القطاع، من مصممين ومديرين إبداعيين ومنسقي أزياء وغيرهم.
وامتداداً لذلك، أجرينا لقاء خاصاً مع هنيدة صيرفي، مصممة الأزياء السعودية التي انطلقت من قلب المملكة لتصل بتصاميمها إلى العالمية. استضافت فريق "سيدتي" في منزلها الأنيق في مدينة جدة، حيث دار حوار ملهم حول الأزياء وصلتها بالثقافة والهوية. أكدت المصممة خلال اللقاء أن المملكة العربية السعودية تشهد مرحلة ذهبية في تاريخ الموضة، إذ لم تعد الموضة ترفًا، بل أصبحت جزءًا من حركة ثقافية واجتماعية تعبّر عن الصورة الجديدة للبلاد، وتمنح المصممين فرصاً غير مسبوقة للارتقاء بالقطاع الإبداعي إلى آفاق عالمية بإذن الله.





