mena-gmtdmp

البساطة المعقّدة

لمى بنت إبراهيم الشثري
لمى بنت ابراهيم الشثري
لمى بنت ابراهيم الشثري

يبرزُ الإبداعُ الحقيقي في التصميمِ عندما يُسخَّر لحلِّ التحدِّيات، وتحسينِ التجارب، وصياغةِ الأفكارِ المعقَّدة بأسلوبٍ واضحٍ وبسيطٍ، إذ إن جوهرَ التصميمِ المبدع، هو تطويرُ بيئةِ الإنسان بما ينعكس إيجاباً على حياته اليوميَّة.

في هذا العددِ، نحتفي بقيمةِ التصميمِ الإبداعي في شتَّى مجالاته حيث خصَّصنا صفحاتٍ لأسابيعِ التصميمِ في الخليجِ العربي والشرقِ الأوسط وشمالِ إفريقيا، من دبي إلى بيروت وصولاً إلى القاهرة. هذه الفعاليَّاتُ، جمعت عناصرَ مشتركةً، تمثَّلت في إبرازِ الثقافةِ المحليَّة، والاستدامةِ، والجمال، ومن أكثر الأركانِ التي لفتت الانتباه جناحُ "صُمِّم في السعوديَّة" ضمن معرضِ "داون تاون ديزاين" خلال أسبوعِ دبي للتصميم الذي أشرفت عليه هيئةُ العمارة والتصميم، إذ قدَّم منصَّةً، جمعت بين التراثِ والرؤيةِ المستقبليَّة.

تجدون على الغلافِ لشهرِ نوفمبر المهندسةَ المعماريَّة لينا الغطمة، إحدى أبرزِ المواهبِ العربيَّةِ في مشهدِ العمارة العالمي. حملت معها جذورَها اللبنانيَّةَ من بيروت الخالدة، وعبَرت بإبداعها إلى باريس. استضافتنا لينا، المُلقَّبةُ بـ "المعماريَّة الإنسانيَّة"، والمصنَّفةُ ضمن قائمةِ "نوابغ العرب" وTime100 Next، بالاستديو الخاصِّ بها في العاصمةِ الفرنسيَّة حيث أجرينا معها حواراً ثرياً وملهماً، ترافقَ مع جلسةِ تصويرٍ مميَّزةٍ وسطَ عالمٍ من الكتبِ، والمخطوطاتِ، والرسوماتِ الهندسيَّة. وخلال اللقاء، أكَّدت أن الهندسةَ، ليست مجرَّد مهنةٍ، وإنما أسلوبُ حياةٍ، وأن هويَّةَ التصميم، تنبعُ من الالتزامِ بالقيمِ الأساسيَّة، وهي احترامُ الإنسانِ والموادِّ والحِرفِ والبيئة، فيما تظلُّ مبادئ البحثِ والمسؤوليَّةِ ثابتةً على الرغمِ من تغيُّر الاتِّجاهاتِ والتقنيَّات.

وفي السياق ذاته، عن العمارةِ الإنسانيَّة، أعددنا تقريراً خاصاً عن مدينةِ جدة التي تصدَّرت مؤشِّراتِ جودةِ الحياة في السعوديَّة، وفقَ بياناتِ Numbeo، حيث التقينا أربعةَ مبدعين، تحدَّثوا عن أثرِ "عروسِ البحر الأحمر" في تشكيلِ قصصهم وتجاربهم ومساراتهم الإبداعيَّة.

كذلك، التقينا الدكتورةَ عفت فدعق، الباحثةَ والأكاديميَّةَ الحاصلةَ على الدكتوراه في الفلسفةِ مع تخصُّصٍ في الفنون الجميلة، التي تجاوزت إسهاماتها التوثيقَ إلى أداءِ دورٍ حيوي لإعادةِ قراءةِ الموروث الفنِّي السعودي بعيونٍ مُعاصرةٍ، تتفاعلُ مع الزمنِ والإنسان.

وفي خطوةٍ، تُمثِّل امتداداً لالتزامِ المجلَّةِ برؤيةِ 2030 عبر تمكينِ الشباب، وتشجيعِ الابتكار، أطلقنا مبادرةَ "سيدتي × ترينديول" خلال فعاليَّةٍ في الرياض من أجل دعمِ المشروعاتِ السعوديَّةِ الصغيرةِ والمتوسطة المعنيَّةِ بتصميمِ الأزياءِ، والإكسسواراتِ، والديكورِ، وعناصرِ أسلوبِ الحياة. تتيحُ المبادرةُ للمصمِّمين فرصةَ الانضمامِ إلى "ترينديول"، وهي إحدى أكبر منصَّاتِ التجارةِ الإلكترونيَّةِ عالمياً، بهدف تعزيزِ إسهاماتِ المشروعاتِ الصغيرةِ والمتوسطة في الناتجِ المحلي.

وفي الختامِ، ندعوكم إلى اكتشافِ مبدعكم الداخلي من خلال مادةٍ مخصَّصةٍ في بابِ الصحَّةِ النفسيَّة عن صناعةِ الخزفِ بوصفها مساحةً للتأمُّلِ، وإعادةِ اكتشافِ الذات. ستتعرَّفون فيها إلى تأثيرِ العملِ الإبداعي في تعزيزِ الرعايةِ النفسيَّة، وبلوغِ "حالة التدفُّق" التي يصفها علماءُ النفسِ بأنها تمازجٌ بين الفكرِ والفعلِ والمادة، ما يمنحُ شعوراً بالصفاءِ والوضوح، قد نفتقده في إيقاعِ الحياةِ اليوميَّة.