مديرة المعارض والمهرجانات في هيئة الشارقة للكتاب خولة المجيني: المكتبة المدرسية أساس لتنشئة جيل شغوف بالقراءة

مديرة المعارض والمهرجانات في هيئة الشارقة للكتاب خولة المجيني: المكتبة المدرسية أساس لتنشئة جيل شغوف بالقراءة
مديرة المعارض والمهرجانات في هيئة الشارقة للكتاب خولة المجيني: المكتبة المدرسية أساس لتنشئة جيل شغوف بالقراءة

شخصية، يرتبط عملها بأفضل صديق للإنسان، وهو الكتاب، الذي يعود بها كل عام من خلال مهرجان الشارقة القرائي للطفل إلى مراحل الطفولة، فتشعر بأنها تعيش ذكريات جميلة مع الكتب والقصص. تتذكر كيف كانت تختار بعناية وحماسة الكتب التي تجذبها بأغلفتها وعناوينها ومحتواها. كانت تحملها بفخر وسعادة إلى بيتها، وتجلس في زاوية هادئة لتقرأها بشغف وحضور، وتستمتع بالسفر مع شخصياتها إلى عوالم مختلفة.. تضحك وتحزن وتتعلم منهم ومعهم.. وتشارك أصدقاءها وأسرتها بما قرأت. إنها خولة المجيني، مديرة المعارض والمهرجانات في هيئة الشارقة للكتاب، والمنسقة العامة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، التي كان لنا معها اللقاء الآتي:

أحاول دائماً توعية الأطفال والآباء بأهمية التوازن بين استخدام التكنولوجيا والمشاركة في الأنشطة

 


اليوم، وبصفتها أحد المسؤولين عن تنظيم هذه المهرجانات، والمنسقة العامة لها، تشعر عندما انتهت من التجوال في ساحة مهرجان الشارقة القرائي للأطفال، بأنها استعادت تلك المشاعر البريئة والصادقة، وهي تشاهد الأطفال وهم يتجولون في المهرجان بفضول ودهشة، ويختارون الكتب التي تروق لهم، ويشاركون في الورش والأنشطة التي تثير خيالهم وإبداعهم... تسمع صوت ضحكاتهم وأحاديثهم عما قرؤوا وشاهدوا... تشاركهم بعض القصص والحكايات التي تسعدهم وتفيدهم، حينها تشعر بأنها جزء من عائلة كبيرة تحب القراءة والثقافة.
تتابع خولة قائلة: «أتذكر أنني في طفولتي كنت أحب الذهاب مع والدي إلى المكتبة العامة واختيار الكتب التي تجذبني. كنت أحب قراءة القصص والروايات والمسرحيات، وأشعر بأن أبطالها أصدقائي الأوفياء، أستمتع بالانغماس في عوالمهم، والتعلم من تجاربهم، والتسلية بمغامراتهم.. ودائماً ما أردد على القائمين في المدارس أهمية الاهتمام والعناية بالمكتبة المدرسية، فهي حجر الأساس في تأسيس طفل شغوف بالقراءة.. أقول هذا من وحي تجربتي في طفولتي، فقد أحببت المكتبة المدرسية، وربطتني بها علاقة امتدت على فترة سنوات دراستي».

 


أبطال حكاياتي

خولة المجيني


شعور المجيني لا يوصف، كما تعبر، بتسلمها لمنصب قيادي في هيئة يرتبط عملها بالكتاب، هذا المنصب في الحقيقة هو حلم تحقق لها، وهي ممتنة لوالدتها، التي كانت دائماً تشجعها على القراءة، تستدرك قائلة: «أتذكر كيف كانت تستمع إلى سردي لما قرأت بصبر واهتمام، حتى إن كانت سرديات أو حكايات ينظر إليها الكبار على أنها طفولية، ولكنها كانت تدخل في عوالمي وتشاركني مشاعري مع كل أبطال حكاياتي. كانت والدتي تدعمني في دراستي وعملي، وتفخر بإنجازاتي الأكاديمية والمهنية، أذكر أنها قالت لي عندما عرض عليّ المنصب الحالي: «هذه فرصة عظيمة لك، فلا تضيعيها. فأنتِ مجتهدة ومبدعة ومحبة للقراءة، وهذا مكانك الذي تستطيعين أن تقدمي فيه الكثير». وعندما عرضت عليّ مناصب أخرى في جهات مختلفة، قالت لي: «اختاري ما تحبين، لا ما يحبه الآخرون».


عاصمة للثقافة والفن والعلم


الشارقة في قلب ورأي خولة، هي مجموعة أحاسيس، تتشارك فيها مع كل من سكنها أو زارها أو تعرّف إليها، حتى لو من بعيد.. تراها مدينة الثقافة وروح تنبض بالحياة والإبداع والمعرفة، وتجمع بين التراث والحداثة، بين الأصالة والتجديد، بين الهوية المحلية والانفتاح على العالم... روح تعكس رؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعلها عاصمة للثقافة والفن والعلم في المنطقة والعالم، تعلّق: «هذه الروح الثقافية المتفردة في الإمارة تنبع من التنوع الثقافي الذي تعكسه بكل مكوناتها الثقافية والحضارية من متاحف ومكتبات ومسارح، ومهرجانات ومعارض؛ تحفظ التاريخ، وتروي القصص، وتعرض الفنون، وتنمي المهارات، وتزرع القيم. هي روح الشارقة التي أشعر بأنها تشكل أساس كل إنجاز أقوم به في عملي، وحتى في حياتي الشخصية».


مفهوم الابتكار


القدرة الإدارية والثقافة العامة عنصران مهمان في إدارة المعارض والمهرجانات؛ لذلك اختارت خولة أن تتابع دراستها العليا في الماجستير بتخصص الإدارة العامة، لتزيد من معارفها ومهاراتها في هذا المجال. لكنها ترى أن القدرة الإدارية والثقافة العامة وجهان لعملة واحدة، لا يمكن فصلهما أو تفضيلهما، بل يجب دمجهما وتطويرهما معاً، لتحقق أهداف عملها بشكل أفضل، فالقدرة الإدارية تساعدها على تنظيم الفعاليات وتنفيذها وتقييمها، والتعامل مع الشركاء والمشاركين والزوار، وحل المشكلات والصعوبات التي تواجهها.
أما الثقافة العامة، كما تقول، فتساعدها على اختيار وتقديم المحتوى الثقافي والأدبي الذي يناسب جمهور المعارض والمهرجانات، والتواصل مع الناشرين والمؤلفين والمثقفين، تتابع المجيني: «كما أنني حاصلة على دبلوم الابتكار والمسرعات الحكومية في تصميم وصناعة المستقبل من جامعة حمدان بن محمد الذكية، فقد تعلمت من هذا الاختصاص كيف أطبق مفهوم الابتكار في تصميم وتنفيذ وتطوير الفعاليات التي تنظمها «هيئة الشارقة للكتاب»، وهو يساعدني على استخدام التفكير التصميمي لفهم حاجات وتوقعات الزوار والناشرين والمشاركين في المعارض، وإشراكهم في عملية تصميم وتطوير الفعاليات، واختبار وتقييم الحلول المقترحة، والتعلم من التجارب والآراء المختلفة».
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع رائدة الأعمال سارة الشروقي: أقول لكل أم ابدئي من لا شيء، لكن تعرّفي إلى قدراتك أولاً


كل ما يهم الشباب

خولة المجيني


يحمل معرض الشاقة للكتاب، كما تؤكد المجيني، طابعاً خاصاً بالنسبة إلى الشباب، خاصة مع تزايد اهتمامهم بالقراءة بوصفها عنصرًا أسهمت وسائل التواصل الحديثة في تحبيبه إلى نفوسهم.
فهم يركزون على تنظيم العديد من الفعاليات الشبابية خلاله، تشمل الندوات والجلسات الحوارية مع الروائيين والمفكرين والشخصيات المؤثرة وأصحاب التجارب الرائدة من صناع التغيير، فيتفاعلون معهم ويتعرفون إلى تجاربهم ونجاحاتهم، إضافة إلى الأمسيات الشعرية وورش العمل التدريبية، تستدرك خولة قائلة: «نركز في المعرض على الفعاليات الترفيهية، مثل عرض المسرحيات والأفلام والفعاليات الإبداعية والترفيهية، التي تهدف إلى إطلاق طاقات الشباب وإبراز مواهبهم، إضافة إلى الفعاليات التقنية، التي تهدف إلى تزويد الشباب بالمهارات والمعارف المتعلقة بأحدث خيارات التكنولوجية التي تساعدهم على مواكبة التطورات المستجدة».
تسعى خولة إلى إدراج فعاليات وكتاب ومفكرين مختلفين يسهمون في إثراء التنوع الثقافي الذي يتميز به المعرض، وهي تجد أنه لكل معرض عالمي ما يميزه، لذلك تحرص على أن تنقل إلى الشارقة مجموع ما تتميز به المعارض، تعلّق: «بعض معارض الكتب تتخصص في الجانب التجاري المتعلق بإتمام العقود بين الناشرين، ولا تفتح أبوابها للجمهور، فيما يتضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب، كلا الجانبين، فقد سجل معرض الشارقة تاريخ أكبر معرض للكتب في العالم على مستوى بيع وشراء الحقوق، وهذا لم يحدث في المنطقة العربية منذ بداية فكرة المعارض قبل قرون إلى اليوم».


التأثر بالمحتوى السلبي


ما يبعث في نفس خولة السعادة هو أن ترى ثمار عملها تتحول إلى واقع ملموس، وأن تشهد ابتسامات الأطفال واليافعين والعائلات الذين استمتعوا بالفعاليات والمبادرات التي تتولى هيئة الشارقة للكتاب تنظيمها أو الإشراف عليها. تستطرد قائلة: «أحب أن أسمع ردود الفعل الإيجابية من الزوار والمشاركين، وأن أتلقى التقدير والدعم من زملائي ورؤسائي، مصدر هذه السعادة هو شعوري بأنني أساهم في تحقيق مشروع الشارقة الثقافي والحضاري، لكن ما يثير الخوف في نفسي، بالنسبة إلى الأطفال، هو أن يصبحوا مدمنين على التكنولوجيا والأجهزة الذكية، وأن يفقدوا القدرة على التواصل الحقيقي مع أنفسهم ومع الآخرين. أعتقد أن التكنولوجيا عنصر مهم ومفيد في حياتنا، ولكنها تحتاج إلى استخدام معتدل ومسؤول، وألا تحل محل العلاقات الإنسانية والتعليم الجيد. أخشى أن يصبح الأطفال معزولين ومنغلقين على أنفسهم، وأن يتأثروا سلباً بالمحتوى المضر أو المضلل الذي يتعرضون له عبر الإنترنت. لذلك، أحاول دائماً توعية الأطفال والآباء بأهمية التوازن بين استخدام التكنولوجيا والمشاركة في الأنشطة التربوية والترفيهية والاجتماعية».
الثقة بأنفسهن والطموح بتحقيق أهدافهن... هو ما تتمنى خولة زرعه في جيل الشابات اللواتي يقبلن على العمل، وتنصحهن باختيار المجال الذي يلبي شغفهن، وألا يستسلمن للضغوط أو التحديات التي قد تواجههن. فهي تعتقد أن أول سنوات العمل هي أهم السنوات لبناء الخبرة والشخصية، وأنه يجب على الشابات أن يستفدن من كل فرصة تعليمية أو تطويرية تقدم لهن.


مكتبة بيتي


من يحب القراءة لا يخلو بيته من مكتبة، برأي خولة، ومكتبتها الخاصة ركن عزيز على نفسها في المنزل، فيها إصدارات وكتب متنوعة في عدة مجالات وفنون، أغلبها في مجال التنمية الذاتية والإدارة والتاريخ والسير الذاتية والفلسفة، تعلّق: «أقرأ لجلال الدين الرومي الذي اشتهر بأعماله الشعرية والصوفية التي تأخذ من يقرأها إلى عالم التصوف وجمال اللغة، وخاصة أن ترجمات قصائده من الفارسية، ومن أهمها المثنوي المعنوي، وفي العشق الإلهي، والديوان الكبير، أو ديوان شمس التبريزي الذي كتبه في ذكرى موت صاحبه العزيز، وملهمه في طريق التصوف والشعر. وأقرأ كذلك الكتب التي تتناول موضوع التعددية القومية، وتأثير التنوع والتعدد الثقافي الذي ينعكس إيجابياً ويسهم في نبوغ الأفراد في مجالات الابتكار والإبداع».
نفترح تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع مديرة البرامج المجتمعية في المجمع الثقافي بأبوظبي.. التشكيلية سمية السويدي: علينا حذف كلمة "الخوف" من قاموسنا لننجح