قليلون من يستطيعون أن يتركوا بصمة واضحة في مجال الموضة، فليس بالموهبة وحدها يتفرد المبدع وإنما بتأثيره ومهارته في دراسة السوق واحتياجات عملائه، واستشرافه للمستقبل، فعند الحديث عن دونا كارن Donna Karan، مؤسسة علامة Donna Karan New York (DKNY) عام 1984، لا يمكن أن نتجاهل دورها كواحدة من رواد الموضة المستدامة، لكونها صاحبة فكرة "سبع قطع سهلة" Seven Easy Pieces التي أطلقتها لأول مرة في عام 1985، واستهدفت بها بناء خزانة ملابس من قطع قابلة للتنسيق بطرق عدة، الفكرة التي كانت تبدو غريبة حينذاك لاقت استحساناً من قطاع كبير من النساء لا سيما المندمجات في سوق العمل، بعدما وفرت لهن طريقة مبتكرة للاعتماد على خزانة ملابس عملية ومستدامة تغنيهم عن اقتناء قطع غير ضرورية وتوفر عليهن الوقت والجهد في تنسيق الإطلالات اليومية، هي بحسب تعبير كارن - "الكبسولة الأصلية". ووفقاً للمفهوم الذي أخذ طريقه في التنامي ببطء على الأقل في البداية، كانت المرأة صاحبة المسؤولية الوظيفية لا بد أن تتوفر في خزانتها كبسولة مكونة من بادي سوت، وجاكيت Tailored، جاكيت جلد، سترة من الكشمير وتنورة ملفوفة، وبنطلون، وإطلالة مسائية.
تثبت طفولة دونا كارن أن عشق الموضة يمكن أن يورث، فالمصممة الأمريكية التي نشأت في أسرة تعمل فيها الأم كعارضة أزياء والأب يمتهن الخياطة، كان بديهياً أن تتشرب منهما الحس الإبداعي والفهم الدقيق لاحتياجات المرأة فيما يخص أناقتها، وبعد أكثر من 40 عاماً على إطلاق مجموعتها النسائية الأولى سنحاول أن نستعرض أبرز الإطلالات الأيقونية التي ظهرت على منصات عرض المبدعة الأيقونة وذلك لمناسبة يوم ميلادها الذي يوافق 2 أكتوبر.
كبسولة واحدة ومصادر إلهام متعددة
قدمت دونا كارن نموذجاً يحتذى به في التمسك بهوية علامتها حتى اللحظة الأخيرة قبل أن تتخلى عن مهامها كمصممة إبداعية في 2015، فقد أظهرت التزام غير عادي بكبسولتها الشهيرة، فلم تفارق أي مجموعة لها، من بينها السترات الكشمير الحاضرة بقوة في معظم عروض الخريف والشتاء، كما لعبت مصادر الإلهام المتنوعة دوراً في إثراء عروضها ولكن جميعها كانت ضمن قوانينها، فالمخاطرة الإبداعية لم تكن يوماً ضمن فلسفة المصممة الأمريكية، فقد لعبت دائماً وفقاً لخطها المميز الذي انتهجته من اليوم الأول، وساهم ذلك في بناء قاعدة عريضة من الزبونات اللواتي بقين أوفياء لماركتها على مر السنين.
الأكسسوارات تروي قصصاً من الإبداع
الأكسسوارات في مجموعات دونا كارن ليست مجرد زينة أو قطع مكملة للطلة، بل لغة بصرية تتحدث بها إلى زبوناتها المعنيات بالأناقة المبنية على التفرد وخلق الأسلوب الخاص، هي وسيلة لتعزيز الفخامة وجعلنا بحق محط للأنظار من دون مجهود، واكبت بها المصممة الكبيرة العصر، بل إنها استبقته في لحظات كثيرة، فبالنظر إلى مجموعتها لربيع وصيف 2014، ستشعرين أنك تتابعين عرضاً للسنة الحالية حيث ستندهشين من توفر أحزمة المحاربين العريضة الدارجة بقوة هذا العام، والحقائب والصنادل المطبعة بالنقوش البرية تزين القمصان الأوفر سايز والتنانير الملفوفة القصيرة المغطاة بزخارف متباينة.
تعرفي إلى أزياء جريئة وألوان غنية رسمت مشوار توم فورد
فساتين تعتني بالأنوثة وتبرز جماليات القامة
لطالما احتفت دونا كارن بالأنوثة عبر سلسلة من الفساتين الناعمة المخصصة للنهار التي كانت تتخلل عروضها أو السواريه التي كانت تتزين بها المنصة في الختام، وامتازت جميعها بخفة الخامات والقصات المحتضنة للجسم من دون أن تخنقه أو تقيد حركته، وكلها أسرار تقف خلف نجاح المصممة الأمريكية ووصول تصاميمها إلى خزانة كل امرأة عصرية بكل سهولة، فكل قطعة تتحدث فخامة تنبع من دقة تنفيذها وكونها سهلة الارتداء والتنسيق، من مجموعة ربيع وصيف 2011 لا يمكن أن ننسى الفستان الأصفر الـOmbre المشقوق على الجانب والمصمم بقصة الـWrap، المحببة إلى قلب كارن وتعد واحدة من العلامات الفارقة في مشوارها.
توقف مفاجئ لمسيرة إبداعية حافلة
وسط ذهول عشاق الموضة حول العالم، أعلنت دونا كارن تركها كرسي المصمم الإبداعي لماركتها قبل عشر سنوات، لتكون مجموعتا خريف 2015 وريزورت 2016 آخر عروض العلامة الشهيرة تحت إشراف المصممة الأمريكية الكبيرة، وتطوى بذلك مسيرة مبدعة كان لها اسهامات ملموسة في صناعة الموضة النسائية.
المصممة السابقة لعصرها التي ألهمت مصممين كثر ساروا على خطاها ساعين إلى إرضاء النساء التواقات إلى الأناقة المرتكزة على العملية، أرسلت في عرضها الأخير لخريف 2015 عارضاتها إلى المنصة بأزياء فائقة الأناقة استوحت بالكامل من أجواء مدينة نيويورك الصاخبة، فجمعت الإطلالات بين الطابع الوظيفي واللمسة الاحتفالية المتمثلة في زخرفة الألوان المعدنية على خامات سوداء مثل الصوف، وبالطبع كان للجاكيت الجلد الذي يعتبر من أساسيات كبسولتها ذات السبع قطع حاضراً على المدرج وقد ازدانت ياقاته العريضة بالفراء الصناعي وزين الخصر بحزام جلد معقود على الجانب، والتنورة الميدي الرمادية مستقيمة القصة جاءت لتكمل الطابع الرسمي الذي غازلت به كاران أذواق النساء العاملات على مدار مشوارها الحافل.
قد ترغبين في التعرف إلى 6 قطع أيقونية تستعيد تاريخ المصممة كوكو شانيل
