عندما رأيتني جذبك جمالي، ورأيت فيّ وردة يانعة، ومتفتحة، وقطفتني بكل ما أوتيت من قوة، وكنت تعرف بأن تعليمي كان دون المتوسط، ورغم إصراري على مواصلة تعليمي، لكنك رفضت؛ لرغبتك في أن أكون متفرغة لأسرتي فقط. وحبي لك جعلني أرضخ للأمر الواقع، تقول: إنك كنت تدرك بأني لست فيلسوفة، أو عالمة، أو دكتورة، أو خبيرة، أو شاعرة، يا سيدي لم أعد أفهم ماذا تتوقع مني، وأنت تتهمني بالجهل؛ فأنا لم أكذب عليك، وأخدعك، هل ظننت أن الورد خال من الشوك، أو اعتقدت أني إنسانة كاملة، ومثالية في كل صفاتي، وتصرفاتي؟ ومرت بنا الحياة، تغيرت خلالها نبرة صوتك، ونظرة عينيك، ولمسة يديك، وبدأت ألمس تذمرك، وعدم رضاك فأين ما وعدتني به؟ وبأني سأكون مالكة قلبك، وكل حياتك؟ هل كنت تدعي العطاء والمسؤولية؟ وتفتعل كل تلك اللمسات الرقيقة وتظهر الخوف عليّ؟ هل إحساسي بحمايتك كان إحساساً زائفاً؟ هل كانت كل تلك الغيرة والأشواق مجرد تمثيلية؟ هل كانت تلك المشاعر الراقية خدعة؟ لقد استسلمت لك طواعية، ووهبتك أصدق أحاسيسي، ومنحتك مشاعري، ولكن بطريقتي وحسب مفهومي، فخبرتي، وتعليمي، وثقافتي لم تعلمني المراوغة في إظهار الأحاسيس؛ فأنا أعبر عن مشاعري بعمق، وأحبك بكل عواطفي وحناني وشوقي.
فكنت أراك كامل الأوصاف، برغم كل ما فيك من قوة، وضعف، وألم، وعذاب، وقسوة، وحنان، ودموع، وشقاء، ونعيم، وبما ينتابك من انفعالات، وغضب، أنت بكل محاسنك وعيوبك، أصبحت محور حياتي، ولم أعرف الراحة، أو الاستقرار إلا وأنت بجانبي، كنت في نظري الأفضل والأروع، وكيف لا؛ وأنت عنوان سعادتي وحبي، ومركز شعوري وكياني، عيوبك أعرفها، وأبررها، وأتقبلها؛ بل وأحبها، وكنت أعيش في عالمك، وأمشي على تقويمك، وأدور في مدارك.
واكتشفت يا عزيزي بأنه لا شيء في هذا الكون يرضيك، ولم يكن يعجبك أيٌّ من تصرفاتي، أو كلامي؛ فأنت تريدني امرأة لكل المواسم، تريدني جميلة، وجذابة، ورشيقة، ومثقفة، وأن أكون مستمعة جيدة، ومتحدثة لبقة ومتلونة، حسب مزاجك، ولا يمكن أن تجد كل تلك الصفات التي تطلبها، على وسع هذا العالم، ولو فرضاً وجدتها؛ صدقني فلن تقنعك، أو ترضي غرورك.
والمؤلم أنك لم تعترف يوماً بأن الكلمة المؤلمة، قد تتحول في بعض الأحيان إلى وحش شرس، بلا إحساس، أو شعور. كلمة لها مخالب، تنشب في قلبي دون أن تشعر، من قال لك: إن الآلة الحادة فقط هي التي تقتل، أو إن ما يؤلم هو العقاب البدني، لقد كانت ألفاظك أقوى من السلاح القاتل، وأشد من الضرب، وأعنف من السياط، فأنت تزمجر كالعاصفة، وتستبد كإعصار هائج، وكل ذلك؛ لأني لم أتمكن من مسايرتك حسب ما تريد، أو كما كنت تتمنى مني أن أكون، لقد منحتك ثقتي، وزرعت الحب في حياتك، ولكنك مع الألم سفهت أحلامي، وأمنياتي وأنوثتي