mena-gmtdmp

أدب المراهقين +14

رحاب أبو زيد
في معرض الرياض الدولي لهذا العام، وأثناء توقيعي لرواية «الرقص على أسنة الرماح»، لإحدى الفتيات الجميلات، كان والدها يرمقنا بحذر، وعينا والدتها تستطلع ما وراء الغلاف، ويبدو أنها أسرّت بخوفها للوالد الذي تقدم بدوره واقترب مني وابنته إلى جانبي، وسألني: «هل الرواية مناسبة لها؟ » فقلت له: ربما تكون مناسبة لك أنت أكثر، وتوجهت لها بالحديث قائلاً: إذا صعب عليك فهم جزء منها؛ فاتركيها وعودي لها بعد عامين؛ فابتسم والدها وهدأ روعه، والواقع أني أشعر بالقلق نفسه حين تقف ابنتي المماثلة لهذه الفتاة في العمر في مكتبة ما؛ لتختار كتاباً -بالمناسبة هي لم تقرأ روايتي بعد! - أحاول قدر استطاعتي مساعدتها في طرح عدة خيارات، لكن أرفف الكتب العربية لا تحمل تصنيف «شباب صغار»، أو مثلاً «بالغون صغار»، وهو التصنيف المتعارف عليه في الأدب، والفنون الغربية بمسمى «Young Adult» وأدب الشباب الصغار، أو أدب المراهقين، تصنيف معترف به في الغرب منذ 1802م، وتضم أعماله الروائية العناصر الأساسية نفسها من شخصيات وأحداث وحبكة، إلى درجة أن بعض الأعمال الرائجة المخصصة للمراهقين؛ يقرأها الشباب المتقدمون ممن تجاوزوا سن 18 عاماً، والكبار أيضاً في معظم الأحيان، كما أنك تجد هذا التصنيف في إسطوانات الموسيقى والأفلام، وحتى القنوات الفضائية، وتعنى إصداراته بكل من كانوا بين 14 إلى 21؛ مما يعزز أهمية التخصص في الإنتاج الأدبي والثقافي عموماً لهذه الفئة العمرية الناشئة، ومستجيباً لميولها وأفكارها وتساؤلاتها، ويُعرف أن مرحلة المراهقة مقسمة إلى ثلاثة أقسام عمرية، لكل منها خصائص مختلفة، الأمر الذي يجب أن يراعى في لغة الخطاب والكتابة لهم؛ فالتفاوت العمري ضئيل بين كل قسم وآخر من حيث عدد السنوات، لكنه فارق ومهم جداً من حيث التطور السريع لقدراتهم في الانتقال من مرحلة الحسيّات في الطفولة إلى التعبير عن المشاعر والعواطف والحاجة لأصدقاء، ثم مرحلة التحليل والمساءلة والتفكير، إلى مرحلة الطموح العلمي والمثابرة، ولا ننسى أن المراهق منبوذ من الصغار لأنه كبير، ومنبوذ من الكبار لأنه صغير! لذلك؛ التوازن في الكتابة له بين الرومانسية والخيال والقيم بصورة غير مباشرة وساذجة وسطحية ستحقق له مبتغاه في الحصول على أصدقاء جدد من خلال الكتب، وستحقق مبتغى أهله ووطنه في تأسيس مكوّنات ناجحة في بناء شخصية سوية غير مؤدلجة وغير مسروقة الفكر والاتجاهات، صديقات ابنتي ينصحنها بكتب +18، أعرف تماماً أنها لا تلائم أعمارهن الفتية، كما أعرف أنها لم تكتب لهن، وأظنهن يطمحن إلى كتب +14؛ ليشعرن بالاعتزاز بهذه المرحلة المهمة والمليئة بالتغيرات والاكتشافات، وليثقن في أن هناك من يوليهن اهتماماً...