احتمالات تضع يدها فوق رأسها

سلمى الجابري


| منذ أفقت وأنا في جوعٍ دائم للحياة، للغناء، للبكاء، للكتابة، للتأمل، للاحتراق، للهرب، للانشطار، لخلق الأحداث، لبعثرة الشعور، للتجرّد من الأنا، وللالتحامِ معها، للنيلِ من الانتظار، ولطعن الحب بأغنية، أغنية تخصني بفردانيّتها وحزنها، أغنية ترتب ملامحي، وتبعثرها، بلحنٍ واحد، ذاك اللحن القادم من التيه حتى يهز أقصى الشعور، يجيد اختصار كل شيء بدقائقَ من الموت.

| من يصل أولاً للجرحِ، نحنُ أم الأغنية؟

| ماذا لو كنّا نعبر الزمن سوياً، مزدحمين حول اللا نهاية بوجوه غريبة؟ ماذا لو كان هذا الاحتمال وارداً، كبقيّة الاحتمالات التي تضع يدها فوق رأسها ثم تتسمر؟

يضيع نصف العمر منّا بحثاً عن جوابٍ لسؤالٍ عالق، وبقيّة العمر نهدره من أجل الفراغ، من أجلِ أن نتلوى أكثر ونُقصم في سبيل اللا شيء، كما لو أننا العدم.

أرهف السمع أكثر لتلك الأغنية التي بدأ من عندها هذا الدوران، ولا أتوقف، رغم السقوط، لا أتوقف، طالما أدبّ الحياة في الأشياء التي من حولي، فهذا الدوران المتناهي بالعاطفة يعبر المدى كرقصةِ درويشٍ تتوق روحه للسماء، أرفع يديّ نحو الفضاء، فيتمايل جسدي بحركة لا إرادية، هذا الجسد يتكلم، يصرخ، يبكي، ينزفُ، يتأتئ كلّما مال كل الميل نحو ظلّه الساكن، يا الله!.

أبحث عن روحٍ أقاسمها فزعي، فتقاسمني سلامها، روحٌ تغني كلّما أبكتها الأقدار وآلمتني.

منذ أفقت وأنا في حالةِ تشتت، أجيء بالأصوات المنسيّة، ثم أذهب وأنا بكامل احتقاني العاطفيّ، أطلّ من منتصف الظلام، بشمعٍ واحتراق، أبحث عن اكتمال الأحلام وبقايا الكلام، فلا أجد سوى الأوهام الخالصة تنتظرني عند حواف النهايات، النهايات التي تبتلع كل بداية كانت شبه مؤكدة، ثم تبخرّت دون أن تخبرني بمصيري المحتضر