لا شيء يشبهني

سلمى الجابري
لا شيء يمثلني، لا الأغنيات، ولا حتى احتراق الكلمات، لا شيء يشبهني في هذا الوجود، سوى العدم. أحببتُني سابقاً حد الخوف عليّ من ضياعي، لكني بتُّ الآن أدفعني للضياع وللانكسار عنوة، ما الفائدة أن تحافظ عليك، وأنت تشعر في كل لحظةٍ بفقدانك؟ فأنا ما عدتُ أعرفني إلا من خلال انهزامي. أعياني التعب، والركض المستمر نحو اللاشيء، من سيوقظ الحياة في عيني؟ بل من سيوقف اندلاع الأفكار الباكية في رأسي؟ قطعاً لا أحد، لذا سأبقى أتخبط بين البين حتى الموت. أن تكون مع الكل ضدك، أن تحرص على شتمك، والتقليل منك أمامهم، هذه هي النهاية التي قد تشعر بأنك تستحقها، وأنت في غمرةِ سخطك وضعفك، لكنك لا تستحقها يا هذا، لا تستحقها حتى لو كنت عبارة عن كومة شرٍ تتدحرج بين الأقدام، وتُداس، لن ترضى عليك مهما ساءت بك الأقدار، لن تشفع لنفسك، ولن تسامحك، طالما لم تستطع أن تنجح في احتضانك. لم أكن مجبولة من حزنٍ وبكاء، إلا حينما أحببتك، ولم أكتب قط، حتى أكن في خانة الأشياء المنسيّة. أنا هنا بمقربة التفاصيل الغابرة، أستمع لأنينها، أبكي عليها ومعها، احتضنها كما أحتضنني من خلالها. (يا ألله!... كم هو موجع أن تشعر بأنك بحاجةٍ لوسيطٍ ما؛ حتى تتوّحد مع انتفاضة أناك، دون أن تشعر بالشفقة عليك)