قالت: الآن يا سيدي أفقت من سباتك بعد مرور سنوات على فراقنا، الآن جئت تطلب مني أن أصفح عنك وأعود إليك كأنَّ شيئاً لم يكن، وأنت كنت تعرف وتشعر بمدى حبِّي لك، ولم يصدر منِّي أي تقصير في حقك، وتعلم كم بذلت من جهد للمحافظة على علاقتنا، وكان كل ذنبي أنّي كنت أبحث عن الإنسان في داخلك، وعن مشاعر تضيء بها عتمة حياتنا. فعلت ما بوسعي حتى تبادلني الاهتمام وتشاركني العطاء، صبرت عليك بكل رضا، وانتظرت أن أجني ثمن صبري، ولكن مع الأسف كانت كل حواسك مصابة بصمم، وكنت تستغل صبري وتسامُحي وتحمُّلي لتصرفاتك، وكأنَّك مغيب عن الواقع، وتجهل أنَّ الزواج لن يستمر بين أي زوجين ما لم تدعمه العشرة والمودة والألفة والرحمة، ولكن أين كل تلك المعاني منك؟ لقد حاولت أن أسمو بعلاقتنا بكل ما أملك من قوة وثقة، لكنَّني فشلت، وكلما حاولت أن أمنحك الابتسامة والفرح، تفاجئني بالهمّ والحزن. حاولت أن أكسبك بكل ما لديّ من أحاسيس ومشاعر فأهملتني، ومن دون تعب أو تفكير تجاهلتني كما يتجاهل الظالم نداء المظلوم. سحقتني بمشاعر من جليد، حطمت طموحاتي وأمنياتي وأحلامي، بعد أن عشت أجمل سنوات عمري مع إنسان يفتقد الحنان والرحمة، ولا يعرف إلا القسوة والعناد. وعندما تتبلد المشاعر وتتحجر القلوب وتخرس الألسن تتحول الحياة الزوجيَّة إلى سجن موحش!
وكم أشعرتني بقلة حيلتي أمامك؛ عندما كنت تجادلني بكل وقاحة، وتتهمني بأنني امرأة تافهة سطحيَّة ضعيفة مهزومة. نعم لم أنكر بأنَّني فشلت في تحقيق الهدف الأساسي في حياتي معك، وأعترف بأنَّك هزمتني وهزمت أحلامي، والكثير من الأماني والمعاني التي لا تفهمها، ودمَّرت هدوء نفسي، وقضيت على أحلامي التي طالما تمنيت أن أحياها معك. ولم تكتف بذلك، بل شحنتني باليأس، وأدميتني بجروح عميقة، وعندما قرَّرت الانفصال عنك لم تبال، وبمنتهى السهولة بعتني، وفي النهاية كسبت نفسي، هذه النفس التي لم تعرف أنت معنى لقيمتها، نفسي التي كانت تترفع عن كل ما في العالم، وعندما تراك كانت تحنو وتستسلم. نعم بيديك سلبت مني سعادتي وحاضري وطموحاتي، وأصبحت المعاناة رفيقتي، وبالتدريج بدأ يتلاشى الحبُّ، ويتبخر من أعماقي، ووصلت لمرحلة قضيت على البقيَّة الباقية تجاهك. أنا لن أعاتبك على ما فعلته بي، ولن أحاسبك، لكن تماديك الجاهل والاستهتار بكل معنى جميل والاستهزاء بكل القيم النبيلة، حطّم بداخلي أي رغبة بالاستمرار معك أو مجرد التفكير للعودة إليك.
فهل تظن أنَّ بإمكان قلبي المجروح أن يحتويك مجدداً، أو أن يكنَّ لك حتى مجرد التقدير بعد أن قهرت أنوثتي، وبعد كل ما سببته لي من ألم عميق ومذلة مهينة؟ إنَّك واهم يا سيدي لو كنت تعتقد أنَّ هناك بقايا لحبِّك مازالت تعيش في أعماقي