mena-gmtdmp

العودة إلى الله

أميمة عبد العزيز زاهد

ما أصعب أن نشعر بأننا ابتعدنا عن الله بسبب ضغوط الحياة، وواجباتنا ومسؤولياتنا التي لا ولن تنتهي إلا بانتهاء حياتنا! وما أصعب أن نجامل ونتحمل فوق طاقاتنا، حتى نرضي الآخرين، سواء على المستوى الاجتماعي والشخصي، أو مجال العمل! ونحن نعلم بأن الخلق إن قصّرت في حقّهم غضبوا، وإن أسأت لهم لم يغفروا، وإن زللت لم ينسوا.

ويزداد خوف الإنسان منا عندما يتذكر الذنوب التي ارتكبها مهما صغرت، وقد قال أحد السلف لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.

عندها ينفجر بداخله بركان من الحزن والندم على عصيان المخلوق ويتذكر رحمة الخالق، وأن رضا الله عز وجل مطلوب مُدرَك، ورضا الناس مطلوب لا يُدرك، وأنه سبحانه يُريدك لنفسك.. لنفعك.. لحاجاتك يُريد منك - حتى يرضى عنك.

فما أعظم صلاة الإنسان وعبادته لربه بعد ذنب اقترفه! وما أعظم البكاء النابع من قلب خاشع وعين دامعة من خشية الله! وما أبلغ أن يحس الإنسان بتأنيب الضمير! وما أصدق أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب!

فعلى كل منا أن يبادر بصدق وشجاعة في مواجهة نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب» ولنراجع ضمائرنا ونياتنا وقلوبنا ونحاورها ونلومها، ونسددها ونوجهها ونقومها باستمرار، فالنفس اللوامة لن تدعه يرتاح إلا إذا أطاع الله، فلا رحمة ولا رأفة ولا مغفرة أو هداية تُرجى من مخلوق، ولكن بالتضرع والخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى، فليس بين المؤمن وربه حجاب، فأبواب التوبة مفتوحة وهذه رحمات الله ومن فضله وكرمه عز وجل على عباده، فمهما بلغت ذنوبك ومعاصيك لا تقنط ولا تيأس من رحمة الله، فإن الله جل وعلا يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

فلو عشنا وتذوقنا الحُبّ الإلهي فسوف يفتح لنا سبحانه الأبواب المغلقة، ويخصنا بما لم يخصّ بهِ غيرنا، فعطاءات الله لخاصته كثيرة، فهو سبحانه إذا أحب عبدًا وهبه الحكمة ورزقه السكينة والطمأنينة وراحة البال، في عالم مليء بالقلق والتوتر والمخاوف والاضطرابات والحيرة، ورزقه التسديد ويسّر له كل عسير، وزرع حُبّه في قلوب العباد، وقرّب الصديق وخذل العدو، فالله سبحانه يُبشّر أحبابه وخاصّته ويُصبّرهم ويُرسل لهم البشائر ويرزقهم الرضا والسكينة والحكمة والمحبة والسعادة

اللهم عدنا إليك صاغرين نادمين مقرين بتقصيرنا، فاللهم أسعد قلوبنا بقربك وبحبك وبحب من تحبهم ويحبونك، وقربنا إليك تقربًا يُرضيك، اللهُم اجعلنا من أوليائك وخاصتك الذين يسعى نورهم بين أيديهم، والذين لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون. .