شبح الابتزاز 

أميمة عبد العزيز زاهد

 

الابتزاز ظاهرة زاد بروزها مع طغيان المارد المادي الذي هزم الجانب الأخلاقي من بعض ضعاف النفوس، والطامة الكبرى عندما يقع الظلم من المحارم، ويكون الظالم أقرب قريب، وللابتزاز أشكال وألوان متنوعة ومختلفة، وقد يكون بتزازًا عاطفيًا أو جسديًا أو ماديًا؛ فهناك أب يساوم ابنته؛ فيخيّرها بين إعطائه ما تكسبه، وبين منعها عن العمل، وأخ يستغل أخته ويقف عائقًا في طريق مستقبلها، وزوج ينتهز الفرص لابتزاز زوجته وحرمانها من حقوقها الشرعية! أين ذهبت الرحمة والشفقة من قلوب هؤلاء المحارم، والمفترض أن يكونوا هم واحة الأمان ومنبع الحب والحنان، وهناك العديد من القصص التي يستغل ولي الأمر ويتعدى فيها على المرأة، بحكم الوصاية عليها، وذلك من وجهة نظره المريضة، ويظن أنه يستخدم حقه الشرعي، ومن تلك الحكايات، اخترت بعضًا منها: تقول فتاة: تُوفيت أمي وأنا صغيرة، وعشت مع والدي الذي أطفأ شموع الفرحة في عمري؛ فقد كان هو سبب حزني وقهري؛ فمنذ استلمت وظيفتي وهو يستولي على راتبي، وكان يرفض كل من يتقدم لخطبتي بمبررات غير مقنعة؛ فلا يوجد هناك من يستحقني، وكنت أطيعه؛ فهو بالتأكيد يرغب في سعادتي، ولكن بدأ العمر يرسم ملامحه على تقاسيم وجهي، وخفت أن يضيّع عليّ فرصة الاستمتاع بأمومتي، وعندما تقدم لخطبتي أخيرًا رجل مناسب، وتناقشت معه بأني أرغب بالزواج، هددني بأنني إذا تزوجت، عليّ أن أتنازل عن راتبي له، وعن حقي الشرعي في ميراث والدتي.
وأخرى تقول: بعد وفاة والديّ، رحمهما الله، أصبح أخي هو من يتولى رعايتي، أخ تخلى عن معاني الأخوة والرجولة؛ فهو يبتزني ويمتهن كرامتي بعد أن ابتلاه الله بأصدقاء السوء وأوقعوه في براثن الإدمان، واشترط عليّ للسماح لي بالعمل، أن أقبل بعلاقات مشبوهة مع شباب؛ كي أحصل على النقود وأعطيه إياها لشراء حبوب الإدمان، وعندما رفضت هذا العرض الرخيص، أصبح يهينني ويضربني بعنف، وسبب لي معاناة نفسية وجسدية وروحية، واستغل فرصة أنه ليس لدينا أعمام ولا كبير للعائلة ألجأ إليه.
وهناك من يبتز زوجته بطرق مختلفة؛ حتى يتمكن من معاشرتها يوميًا، ولو امتنعت يمنعها من الذهاب للعمل؛ فقد تجرد من كل معاني الأخلاق والمروءة والمودة والرحمة.
وأخرى تقول: تزوجت وأنا مازلت طالبة، وكان هذا هو شرطي الوحيد الذي وافق عليه زوجي قبل الزواج، وكان يهددني طوال الوقت بحرماني من مواصلة تعليمي، ويساومني بمعاشرته حتى يرضى لي بالذهاب إلى الجامعة، إنه زوج لا يحترم أنوثتي، ولا يؤمن برغباتي، وكنت أحيانًا أرفض لظروف خاصة أو لتعبي أو عدم رغبتي؛ فيقوم بضربي وحبسي في المنزل؛ لذا أضطر إلى مسايرته وأنا مرغمة، ويصيبني الغثيان والرغبة في الهرب من بين يديه، وذلك لشعوري بالمهانة وأنا أخضع لابتزازه، المشروع من وجهة نظره.
وللحديث بقية في المقال القادم، بإذن الله.