وسترجع يوماً يا ولدي
مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
في كل صباح نردد: يجب ألا تكون الأمور سيئة إلى هذا الحد، فمع فنجان قهوة الصباح، يجب أن تكون الأمور أفضل.
ولكننا نرتشف قهوتنا كما ترتشفنا أيامنا، أو نرتشف أيامنا كما نرتشف قهوتنا.
الحياة سوق كبير أشبه بسوق «العتبة» أو سوق «الجمعة» نبيع ونشتري فيه كل شيء بأبخس الأسعار؛ لذلك نبيع ونشتري أعمارنا بأبخس الأسعار وربما نسرقها، ونبيعها بأسعار الأشياء المسروقة، فنحن كل يوم نبيع يومنا بأقل من سعره بكثير، نجلس خلف هذه المكاتب ونضيع أجمل أيام عمرنا؛ لنحصل في نهاية المطاف على «معاش»، بينما في واقع الحال نحن «نحال ع المعاش» كل يوم وكل ليلة؛ لأننا نكون خارج نطاق أعمارنا، فبعد أن «نبعزق» أعمارنا كل يوم وكل ليلة، نكتشف، متأخرين، أننا اتسرقنا يا جدعان، وأن قطار العمر يسرقنا، وأن محطات التوقف فيه ليست إلا للانتظار، التي هي أشبه ما تكون بالمرآة التي ننظر بها لأنفسنا، نكتشف أن حقيبة أعمارنا ضاعت، أو «اتسرقت» في محطة الانتظار السابقة.
يقول الفنان أحمد زكي:
«في يوم فكرت أذهب لقسم الشرطة، وأعمل محضراً بضياع عمري، في محاولة مني لاسترداده، شعرت بذلك عندما نظرت للمرآة ووجدت عمري تجاوز الأربعين دون أن أشعر».. ترى ماذا يمكن أن تكون الحال في أقسام الشرطة والمخافر لو أن كل واحد منا فكر بهذه الطريقة المليئة بالجنون إلى حد العقل، أو العاقلة إلى حد الجنون، وسجل محضراً بضياع عمره؟
فكلنا نقف أمام المرآة ونشعر بعدها بأننا «اتخمينا»، وأن عمرنا ضاع دون أن نسجل محضراً بضياعه.
فنحن لدينا استعداد أن نعمل محضراً لضياع محفظتنا، أو أي شيء من أشيائنا الصغيرة، ولكننا لا نجرؤ أن نعمل محضراً لضياع أعمارنا، أو أحلامنا لأنه لا يوجد قسم شرطة في العالم لديه هذه المهمة النبيلة، وإعادة أعمارنا التي ضاعت أو أحلامنا التي «لطشوها»؛ لأنها متخصصة في إعادة آي محفظة حتى لو كانت فاضية، أما أعمارنا «المليانة» فهي «فاضية» في نظر السلطات المختصة، ولا تستحق تسجيل محضر بضياعها.
ربما لسبب بسيط وهو أننا من يفعل ذلك، فنحن من نسرق أعمارنا؛ لذلك نحاول أن «نداري» الفضيحة، ونسجل القضية ضد مجهول، مع أن من يسرق أعمارنا معلوم لدينا؛ فنحن كل يوم نقوم بسرقة جزء من أعمارنا مع سبق الإصرار والترصد، ونبيعها في السوق السوداء، أو في الأيام السوداء بأقل من قيمتها.
شعلانيات:
| ذكاء آخر.. أن تخفي ذكاءك.
| كل إنسان يستطيع أن يقول الحقيقة هذه الأيام، العقلاء فقط لا يقولون الحقيقة، وإنما نصف الحقيقة.
| الناس بلا ضمائر .. محاكم بلا قضاة.
| عندما نستوعب قواعد لعبة الحياة، نكون قد أصبحنا عاجزين عن ممارستها؛ لأننا أصبحنا بلا لياقة لهذه اللعبة