قالت: كنت أبحث عن الحب داخل أعماق زوجي؛ فأنا أحببته بكل ما في كياني من عواطف ومشاعر، ترجمت له حبي في كل حالاتي في أفعالي وتصرفاتي وأقوالي، وفي كل المواقف والظروف كنت أراه وهو ليس أمامي وأسمعه وأفهمه من غير حروف، أحسه في الهواء الذي أتنفسه من حولي حتى أسعده وأسعد نفسي، وانتظرت سنوات حتى يبادلني نفس أحاسيسي سنوات طويلة مرت، وأنا أحاول أن أتغلب على مشكلة صمته وجفاف مشاعره، وكم تحليت بالمرونة والصبر، وتحاورت معه بكل الحب الذي يملأ كياني، كنت أتحين الوقت المناسب الذي أراه فيه هادئاً؛ حتى أتوصل لأسلوب مشترك بيننا، حاولت الدخول إلى عالمه ومشاركته اهتماماته وحتى هواياته؛ لأخلق بيننا مجالات مشتركة لعل عقدة لسانه ومشاعره تنحل، مئات المرات تحاورت معه بأن لي رغبات ومتطلبات أحتاجها منه، كم من المرات فتحت له قلبي، وطلبت منه أن يسمعني ما يسعدني، وأن يشعرني بأنوثتي ويعزف على أوتار مشاعري، تعبت من كثرة إلحاحي بأن يراعي هذا الجانب، وأن يهتم بالقليل مقابل الكثير مما أقدمه ولكن دون جدوى، وما زلت أنتظر، وأتمنى أن يتحقق حلمي، ولكني أعترف مع الأسف، فقد كنت دوماً الحلقة الأضعف بالنسبة له، وظللت الزوجة التي تعطي دون أن تنتظر مقابلاً، والمحرك الذي يدير كل الأمور بلا اعتراض أو شكوى؛ حتى تعوّد أن أكون المبادرة دوماً في مصالحته، حتى عندما يكون هو المخطئ، وأصبح حقاً مكتسباً بالنسبه له أن أفعل أي أمر حتى ولو على حساب نفسي، ولا أنكر أني كنت أحاول أن أثبت لنفسي وله أني سأتجاوز أي أزمات تعكر حياتي، ولن أفشل في الحفاظ على استقرار بيتي وسعادة أسرتي، ولكن الآن تغيرت بعد أن وصلت لمرحلة تعبت فيها، واستنزفت كل مواردي وجفت مشاعري ونضب عطائي، تعبت من الصمت ومن الجفاف ومن البحث عن المفقود في أعماقي.
فأنا أحتاج إليه، أحتاجه حقيقة تملأ حياتي، وتمتلك تفاصيل يومي وواقعاً أعيشه، وليس حلماً أتخيله، تعبت من الصبر ولكن لا حياة لمن تنادي، ففي كل مرة أعود لنقطة البداية؛ حتى لم تعد هناك نقطة التقاء؛ فهو يتجاهل مشاعري، يعاند بكل كبرياء ويرفض التفاهم.
لقد تاهت نفسي مني طوال تلك السنوات، فمنذ أن تزوجت وأنا أعيش هذا الصراع بين الواجب وبين ما أحتاجه أنا وما يحتاجه كياني.. مرت الأعوام، كنت متمسكة بالقيام بواجباتي على أكمل وجه، فهل مطلوب مني أن أتكتم على هذا الجفاء الذي فشلت في التغلب عليه رغم محاولاتي المتكررة؟ هل كانت تنقصني الرغبة القوية لأتجاوز المترسب في أعماقي التي حرصت أن تتكتم وتتستر على أزمتي؛ حتى لا تطفو على السطح ويشعر بها من حولي، ولكني عجزت، فهو يضغط على منافذ صبري بتصرفاته وببروده وردود أفعاله، ولكن أين نفسي مني، نفسي التي كانت تحلم بأقل القليل؟ أين مشاعرالأنثى مني، مشاعر ظللت أحلم بها، وبالتدريج كان يخبو وينطفئ جانب آخر حتى شعرت بالظلام يتسرب إلى حياتي، وحينما قررت الخروج من الدائرة التي حاصروني فيها بدأت علامات الاستفهام والتعجب تظهر على منْ حولي، وتكاتفوا على لومي والاستخفاف باحتياجاتي، ويعتقدون أني استيقظت فجأة من سبات عميق لأطالب بحقوقي الشرعية، ولم يعلموا أني كنت أعيش بالأمل والأمل وحده بأنه في يوم ما سأتغير بعد أن تغير الحال. .