قالت: تزوجت بعد قصة حب دامت أربع سنوات، ولديّ خمسة أبناء، وأنا -ولله الحمد- يضرب المثل بأخلاقي وأدبي ونظافتي وتربيتي لأطفالي، وعلاقاتي الاجتماعية الجيدة. كانت حياتي مثالية ورائعة؛ فزوجي رجل محترم وكريم وحنون، عشنا معاً سنوات طويلة بما يرضي الله، وذات يوم جاءني منهاراً بسبب مديره المتسلط الذي أخرجه من عمله، عشنا شهوراً عصيبة، وبفضل الله بعد فترة تجاوزنا الأزمة، وأكرمنا الله بوظيفة جديدة، ومع الأسف كان موعدي مع الألم والقهر متزامناً مع وظيفته الجديدة؛ فقد كان زوجي فريسة سهلة، فمديره كان يعشق السفر والإدمان، وأدخله في دوامة أصدقاء السوء والشراب والسهرات والنساء، وبدأت المشاكل تعصف بحياتنا، كان لا يأتي إلى البيت إلا نادراً، وكنت أستغل فترة عدم شربه، وأتناقش معه بهدوء بأني لا أريد له ولا لأولادنا أن يستسهلوا الحرام فكان يؤيدني، ولكن عندما يكون في غير وعيه من جراء الشراب يضربني؛ لأني متمسكة بموقفي ورفضت الحرام، بعدها تدهورت حالته وأصبح يسافر كثيراً، وكنت أثور عليه؛ لأني أحبه ولكني أحب الله أكثر منه، وأحب أولادي ولا أريد لهم أن يعيشوا في هذا الجو الموبوء، ولا أن يصبحوا معقّدين نفسياً، ولكن لا حياة لمن تنادي، كنت وحدي وسط عاصفة لا منقذ لي سوى الله، فأهملني وأهمل أبناءه، وتهاون في واجباته وأصبح لا ينام في المنزل، وكنت أدعو ربي بقيام الليل وأستغفره وأطلب منه العون والمساعدة، وزاد الحال سوءاً بعد أن أصبح يشرب أمام أطفالي وأنا أحترق، وتأكدت أن حياتي أصبحت على منعطفين: إما الإهانة والانصياع له والرضا بما حرم الله، أو النجاة بحياتي وإرضاء الله عز وجل. حاولت مفاوضته لآخر لحظة بالعودة عن هذا الطريق بشتى الطرق، ولكن دون جدوى.
وصممت على الرفض بألا يقيم السهرات، ويشرب الشراب في منزلي، لحظتها أصبح كالمجنون، شتمني بأفظع الألفاظ، وضربني حتى كاد يقتلني. آه... ما أقوى القهر! كيف سأعيش مع إنسان أحبه، ولا أستطيع العيش معه، ويدعي أنه يحبني ويعذبني، ورجعت لمنزل أهلي، وبعدها أرسل من يخبرني بأني إذا لم أعد للمنزل فسيطلقني ويتزوج، وكان ردي أن كل ما أريده هو أن أربي أطفالي بعيداً عنه، وليفعل هو ما يشاء بعيداً عنا، وتم الطلاق وبدأت رحلة جديدة عالجت فيها نفسي من الاكتئاب الذي أصابني، وصمدت بفضل الله ورحمته ولست نادمة؛ فشعاري هو قول الله تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب».
إني زوجة
كيف لي أن أصدق أحداً في هذا الكون بعد الآن؟ كيف؟ فلم يعد هناك شيء جميل في حياتي؛ لأنك كنت أنت الأهم في عالمي….. وتسألني لماذا أتألم؟ كيف لا وأنا كنت أدعو الله دوماً بأن يجعلني الزوجة القادرة على إسعادك؟ كيف لا أبكي أياماً حلوة وقلباً صادقاً وفياً حافظ على عهدك واحترمك في وجودك وغيابك؟