mena-gmtdmp

أين أنت من كل هذا؟«2/2»

أميمة عبد العزيز زاهد
| عزيزي: أتعتقد أنِّني يجب أن أكون آلة وأنسى أنَّني بشر من لحم ودم وإحساس كما نسيت أنت؟ لقد عشت عمري مؤمنة بالحكمة القائلة: «لا تجادل، واعلم أنَّ أفضل طريقة لكسب الجدال هي أن تتجنبه»، لكنَّني معك خرجت عن هذه القاعدة، وحاولت أن أحاورك من دون تجريح وفي حدود الأدب. بذلت جهدي لأحمي بيتنا، كنت أناقشك بكل صدق وشفافيَّة وأمانة؛ حتى يستمر حبُّنا في جوٍّ خالٍ من الترسبات والأنانيَّة. اسمح لي يا سيدي بأن أنطلق في حديثي عن شخصيتك، دعني أهمس لك بأنَّك غير أمين في حكمك عليها؛ لأنَّ الصراحة تنبع من داخلنا ولن تأتينا من الخارج، ولو تعلم كم هو صعب عليَّ أن أحدثك بلغة مخنوقة، وأن ألمسك بيدٍ باردة، فأنت تتكلم عن الحبِّ، أي حبٍّ هذا الذي تتكلم عنه؟! للأسف إنَّ هذه الكلمة صعبة على مفهومك؛ لأنَّك لا تعرف معنى الحبِّ الحقيقي، ولم تذقه، ولن تملكه في دنياك ما دمت لا تعيش إلا لنفسك وعلى هواك، وبقناعة تامَّة يقودها عنادك وعقلك الديكتاتوري، ترى وتوجّه الأمور حسب منطقك، وتترجم نظرتك للحياة حسب الوضع الذي يناسبك، من دون أي اعتبار لشخصي، لم تشعرني بالأمان النفسي، ولم تبذل أي جهد للتقرَّب منِّي، ولم تفكر حتى في إرضائي بأي صورة كانت في أمور هي من كامل حقوقي عليك كزوجة، وتعتمد كثيراً على قوة تحملي وصبري وصمتي، فكل يوم تتعرض أحاسيسي للاغتيال بطريقة أو بأخرى من دون أن تشعر، وهذه أكبر مشكلة، فأنت تتوهم بأنَّ حياتنا طبيعيَّة تتخللها بعض المنغصات. بالتأكيد أنا السبب فيها؛ لأنَّني أناقشك عن حقوقي واحتياجاتي النفسيَّة والمعنويَّة والماديَّة التي لا قيمة لها في قاموس حياتك، وتعتبر حقوقك مقدَّسة ولا تقبل انتهاكها. يا سيدي إنَّ التعامل مع المرأة يتطلب من الرجل أن يكون متفهِّماً ومتعايشاً معها، قلباً وقالباً، قل لي أين موقعك في حياتي؟ وما دورك الذي تؤديه في مملكتي الخاصة؟ وما تفسيرك للحياة الزوجيَّة؟ وماذا تعني لك كلمة «زوج وزوجة»؟ الحياة الزوجيَّة رباط مقدس يبنى على أسس وقواعد ثابتة، يؤدي كل طرف ما عليه من واجبات ويلتزم بما عليه من حقوق وضّحها الشرع، ويشتركان في تأسيس واقع جميل تحت سقف واحد، يتحمل كل منهما مسؤولياته بحبٍّ ورضا وقناعة. زوج وزوجة؛ يعني أن يعرف كل شريك مواطن الضعف في رفيق دربه؛ فلا يستغلها ويتلمَّس نقاط القوَّة فيدعمها؛ لأنَّهما جسدان في روح واحدة. زوج وزوجة؛ هما قلبان وفكران يتجاوزان حدود المستحيل، ولا يعرفان الأنانيَّة أو السلبيَّة. زوج وزوجة؛ يعني الاندماج والانصهار والاتحاد والقوة التي تذلل كل ما يقابلهما من صعوبات، ومحاولة البحث عن أي مخرج لأي مشكلة تتسرب إلى حياتهما؛ للعثور على أي طريقة تعيد البهجة لهما. زوج وزوجة؛ هما السكن والمودَّة والحنان والتضحية والإيثار والتسامح والعطاء؛ لتحقق الحياة الزوجيَّة هدفها بأكبر قدر ممكن من الراحة والاستقرار. أخبرني يا عزيزي بصدق وواقعيَّة.. أين أنت من كل هذا؟!