أعرف أنني ظلمت نفسي، وقبل ذلك ظلمتك، إنها مأساتي وعلي أنا أن أتحملها وحدي، فمعاناتي بدأت منذ زمن بعيد عندما انفصلت عن زوجي وبقيت سنوات وأنا حبيسة مشاعري وأحاسيسي، بعد أن عشت أجمل سنوات عمري مع إنسان يفتقد الحنان والرحمة، ولا يعرف ما معنى العشرة والمودة، وكنت متأكدة أنه لو قدر لي أن ارتبط مرة أخرى فستختلف حياتي تماماً، وستتغير مفاهيمي ونظرتي للأمور، وسأعيش الوضع الطبيعي والمعنى الحقيقي للحياة الزوجية، ولم يطل انتظاري، وكنت أنت من نصيبي، ولكن مع الأسف خابت كل توقعاتي، وفشلت كل محاولاتي مع نفسي، ووجدت أنني لا أملك أي شيء أمنحه ففي حين كنت تتفانى لإرضائي، وإسعادي، وغمرتني بحنانك، وحاورتني بالمنطق والعقل، وتحملتني في لحظات جفائي وانفعالي لعلني أتغير كنت أستمع لك كطفلة لا تفقه من أمور الحياة شيئاً، وأعدك، وأعاهد نفسي ببذل الجهد لاستئصال أورامي الداخلية، والتي تعشش في كياني فلم أكن أتخيل أن تترك طبيعة حياتي السابقة بصمتها في أعماقي إلى هذه الدرجة، فما ألفته من الحرمان والاستقلال والأنانية والعزلة قابع في ذاكرتي رغم وجود الفرصة المناسبة لمحو كل الآثار السيئة، ولكن ما الفائدة؟ فأنا قد تعودت في زواجي الأول أن أحيا في ظل زوج لا أراه إلا نادراً فلم نكن نتحاور، أو نتشارك، أو نتفاهم، ولم يكن يشعر بوجودي، ولم يراع يوماً أحاسيسي، وتعودت معه أن أعتمد على ذاتي، وأحل مشاكلي، وأنظم حياتي، وأرتب أموري بنفسي، وتعودت أن أخلو وقتما أشاء، وأنام وقتما أريد، والآن تغيرت الموازين رأساً على عقب، فأنت تريدني أن أجلس بقربك معظم الوقت، ولكن كيف لي أن أرضيك، وأخرج معك في أي وقت، وهل من المعقول أن أذهب معك إلى الطبيب، أو السوق، أو في زيارة لأهلي أو أهلك وأنا لم أتعود على فعل ذلك، حقيقي إنني كنت واهمة من قدرتي للعطاء والتضحية، وخدعتني عواطفي التي كنت أظن أنها لم تمت، واكتشفت أنها ماتت مع سبق الإصرار، ووجدت أن التغيير ممكن بالقول وليس بالفعل وكأني بقايا امرأة عاشت حياة كان شعارها الحرمان الدائم، حياة مرفهة خالية من المشاعر والأحاسيس وكانت تتمنى أن تلغي كل شيء إلا العواطف، ولكن عندما منحتها الحياة رفضتها لأنها لم تتذوقها، ولم تألفها، لقد جاءتني السعادة يا عزيزي متأخرة، وعندما أصبح الحلم حقيقة نفرت منه فقد خلقت تجربتي السابقة في نفسي سلوكيات وتصرفات لم تتبدل، وحفرت بمشاعري خندقاً عميقاً مليئاً بالوحشة والغربة، وصُبت فوقه أكوام خرسانة صلبة فجفت أحاسيسي، فهل أرثي على حالي أم حالك فأنت تتعذب وأنا السبب؟ فقد جنت تجربتي السابقة علينا نحن الاثنين وليس بيدي شيء، ولن أطلب منك أكثر مما فعلته، فقد كنت معي نعم الزوج والقرار لك