في البداية سحرتني بهدوئك، وأسرتني برقتك، وغرني لين قولك وتمثيلك لدور الحنون المحب المتسامح، ونلت استحسان وقبول من حولي بحسن معاملتك وحلو حديثك، وتم الزواج، وانتقلت للقيام بدوري الجديد في بيت الزوجية، ووراء الجدران الصماء لا أحد يعرف ما الذي يدور بداخلها، فمعظم البيوت مظهرها يدل على الهدوء، وبداخلها يحدث الكثير الذي لا يعلمه إلا أصحابها، فلا أحد يحب أن يراه الآخرون على حقيقته، ولكن هناك من يخشى أكثر من غيره أن يراه الناس، وأنت كنت من هذه الفئة؛ فبمجرد عودتك إلى المنزل وبعد أن تغلق وراءك الباب تعود لشخصيتك الحقيقية، وإلى طبعك، وتنزع قناع الرقة والبسمة والطيبة، ومنذ دخولي لعش الزوجية، أو بالأحرى لقفص الزوجية، وبعد أن نصبتني ملكة في مملكة من أوهامك واعتبرتني من ممتلكاتك، لم تتوقف عن إهانتي والاعتداء على كرامتي، وبأني امرأة جاهلة، وتتهم طيبتي بالغباء... كنت متجبراً متسلطاً لا ترحم، فعشت معك أصعب مواقف ممكن أن تحياها امرأة بعد أن اكتشفت أنك تعاني من انفصال في شخصيتك، متقلب المزاج وهوائي. وخلال عشرتي معك، والتي لم تتجاوز عامين، أذقتني المُرَّ بجميع ألوانه، وأصبت بخيبة أمل كبيرة، وكم من المرَّات التي أسمعتني دون مبرر كلمات قاسية مهينة، وكم من المرَّات التي فتحت لي الباب بنفسك لتطردني من بيتي، وأن أعود من حيث أتيت، بعد أن تكون قد انتهيت من سيمفونيتك الملحنة بأبشع الألفاظ، وتستمتع بتعذيبي وأنت تطعنني في إنسانيتي بيدك المستبدة، ورسمت لي حياتي كما يحلو لك، وزرعت بداخلي قلباً جديداً، ومنحتني مشاعر غليظة، قاومت وضاعفت الضغط على إرادتي؛ لكي لا تنتهي حياتي بصورة مأساوية، ومع إصرارك على استخدام الأسلوب الذي يعجبك في عقابي لن أقترب إلى سعادتي إلا بقدر خضوعي وصمودي في وجهك، فعشت معك مرهقة منهكة، أمور كثيرة تتمزق مني، ويتساقط بعضها ويتسرب البعض الآخر، إنها حالة من خسارتي المستمرة معك، فإما أن أجد الحل أو أموت كمداً، وكانت كرامتي تدفعني دفعاً لأهرب من قيود السيادة وسطوة الاستبداد والقسوة، ومرَّت أيامي وكأنها سنون، فقدت فيها الأمل في حصولي على الأمان والاستقرار، وكل ذلك لأني رضيت بالذل معك، وسرعان ما أدركت أنك لا تملك من مقومات الرجولة غير الشكل والاسم، فقلبك قطعة من الصخر، وعواطفك كالثلج، وعقلك فارغ، تفكر كما يفكر الذئاب، نظراتك كنظرات صقر، ملامحك صارمة كأنها محفورة في لوح من رخام، وأني أنتظر بفارغ الصبر مشهد توديع حياتي معك؛ للإفراج عن الصرخات المكتومة في صدري.
أنين امرأة
وايش أكتب؟ وكل ما جيت أنثر هم روحي... يتناثر كل شيء إلا جروحي، وأرجع أكتب...
يا الله ما أكبرها... جروحي! وأرجع أكتب، صرختي لا تطلعي صرختي فيني... ارجعي مالك إلا حد جوفي
بشاير العبد الله