كنت أتساءل بيني وبين نفسي... هل يا ترى هذا هو الحب الذي وهبته لسيد قلبي ومن جعلته شمساً ليومي وقمراً يضيء ليلي؟ وهل كان يستحق كل ذلك الحب؟! فقد كانت استجابتي له وحاجتي إليه لا يحدها حدود أو ظروف، حتى جاء اليوم الذي تأكدت تماماً أن من منحته وبكل رضا سيادة قلبي، كان احتياجه لي مرهوناً بظروفه ومكانتي لديه، ومرتبطاً بوقت فراغه، يا للقسوة!! كيف استطاع أن يعيش أحاسيسه من دوني؟! يخيّل لي أنه لم يعش معي أي مشاعر صادقة، وإلا كيف يتحمل غيابي، ولا يفكر حتى بالاطمئنان عليَّ أو سماع صوتي، ولو بإحساس بسيط يشعرني بأنني شيء ما لديه؟! إن من يحب بصدق يفكر وهو في قمة انشغاله، فما دام يحبك سيبحث عنك في جميع الأوقات، فالحب لا يعرف وقتاً أو زمناً، ومن يحب يحنّ لحبيبه في وقت همومه، وفي عزّ مشاكله، ويحتاج إلى وجوده أكثر من أي وقت آخر، فأين أنا من قلبه؟ كم هو الفرق كبير بين حبي وحبه؟ أقول: عندما ينشأ الإنسان على نمط معين في الحياة ويعيشه ويعتاد عليه، في الغالب يكون نمط الحياة غير مألوف لدى الطرف الآخر، الذي يكون معتاداً على طريقة معينة كأمر طبيعي في حياته، هنا نفكر.. ترى كيف تتم الموازنة بين سلوك وردة الفعل بين رجل وامرأة نشأ بينهما حب واتخذا قرار الحياة معاً؟ فعندما يكون الرجل معتاداً أن يغيب في عمله لفترات طويلة، ويشغله عمله عن الاتصال أو حتى إرسال مجرد رسالة؛ ليطمئن بها على زوجته، وتبقى هي حبيسة الانتظار والقلق، فهو قد اعتاد ألا يفكر ولا يشغل باله بأي شيء غير عمله، وهي كامرأة تكون متعلقة به لدرجة أنها تفتقده وسط مشاغلها، وتظل مشحونة بالعواطف والأحاسيس، تفكر وتتألم وتحزن وهي تنتظره، في مثل هذه الحالة ما المطلوب منه حين يلقاها؟! هل يصرّح لها بحبه وشوقه ويعتذر بأن مشاغله هي التي حالت دون وصالها؟! وهل هي ستنسى كل آلام الانتظار وأنين القلق الذي عاشته، وتلقي بأشواقها بين أحضانه وتُكرر العتاب المغلف بالشوق والحب؟! هو يستمع إليها ويجدد نشاطه وحبه للحياة والعمل من خلال لهفتها وحبها وشوقها له، ولكن هل يعلم الزوج أن من دواعي حب الزوجة أن تكون وسط جدول أعماله المهمة؟ وأنها تقيس حجم حبه لها بضمها ضمن ساعاته، مهما كانت مشاغله، ولو بهمسه حانية، أو بحروف يسيرة لا تأخذ منه وقتاً، خاصة عندما يكون هو من شجع في البدايات أسلوب الملاحقة والاستحواذ، وكانت تمثل له أكبر اهتماماته وأولى أولوياته، وجعلها كطفله مدللة، وكان مجرد غضبها يجعله يترك كل ما في يديه لكسب رضاها، فهو من جعلها تطمع بالمزيد من وقته، وهي تظل تلوم نفسها؛ بعد أن أصبح ينفر من هذا الأسلوب، وتحاول هي أن تتغير، ولكن لا تستطيع؛ لأنها تعودت أن تكون في حياة من تحب كل شيء، وهذا هو الفرق بين حب الرجل وحب المرأة