اخترعت كرة القدم في السابق؛ حتى لا يبقى العاطلون عن العمل يتسكعون في الشوارع، أو لكي يهرب إليها الفاشلون في الدراسة، أو لكي تكون ملاذاً أقل ضررًا من تعاطي الممنوعات، فهي تحدي المتسكعين وحياة الفاشلين، أما اليوم فهي عمل الناجحين، والذي لا يجد له مهنة في كرة القدم يكاد يكون فاشلاً، فأهمية الشخص تقاس بأهميته في كرة القدم بعد أن أصبح الكثير من رؤساء الدول يحسدون اللاعبين على شعبيتهم التي تفوق شعبية السياسيين.
وقلة قليلة يذكرون خطط تشرشل العسكرية في الحرب العالمية وتفاصيلها... لكن هذه القلة تتحول إلى كثرة عندما يتعلق الأمر بخطط مارادونا الهجومية، وهدفه الشهير في مرمى شيلتون في عام 1986.
هو الأمر نفسه الذي جعل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك يحسد واحدًا مثل زين الدين زيدان؛ لأنه يتقاضى راتبًا يعادل 200 ضعف راتب الرئيس، وهو بالتأكيد الشعور ذاته الذي يحمله أي رئيس برازيلي لا يعرفه أحد سوى السكان المحليين في حين العالم من أقصاه إلى أقصاه يعرف رونالدو، ورونالدينو، وكافو، وروماريو، وبيبتو، وقبلهم زيكو، وسقراط، كما أن ذاكرة العالم لاتزال زاخرة وحبلى بأدق التفاصيل لأهداف الملك بيليه الذي يفوق في أهميته أهم ملوك أميركا اللاتينية، فهو قارة تمشي على قدمين، ويكفيه فخرًا أن أميركا اللاتينية تعرف به كأهم الملوك الذين تربعوا على عرشها لعقود طويلة.
فأميركا اللاتينية التي أنجبت الشعراء، والمناضلين، والثوار الذي ملأوا العالم صخباً وضجيجاً وحرية لاتزال تعتبره الابن الأكثر نضالاً؛ من أجل إعطاء قيمة أفضل لحياة الحالمين من الصبيان الذين لا يملكون رغيف الخبز في بلاد تعاني من سقوط حكومة، ومجيء حكومة أخرى بسبب الفقر والعوز ورغيف الخبز. ولكنهم يملكون الطموح والأحلام الكبيرة. وقبل ذلك كرة قدم يطاردونها في السكك والحواري والأزقة؛ لبناء مجد أشبه بمجد بيليه... ففي هذه القارة الكبيرة والقديمة لا يوجد لدى الناس سوى الحلم وكرة القدم وأشياء كثيرة لا تأتي لأولئك والعاطلين عن العمل العاطلين عن الأمل إلا بأمل يجعلهم عاملين أو لاعبين لا فرقاً؛ فلا عمل ولا أمل لهم إلا بكرة القدم!
الناس في السابق كانوا يذهبون بكامل أناقتهم لحفلة موسيقية أو أوبرا، أو حفلة غنائية، اليوم أصبح الناس يقطعون تذكرة في السوق السوداء ويقطعون أميالاً طويلة ويسافرون؛ ليشاهدوا مباراة القرن بين برشلونة وريال مدريد.
ويذهبون وهم بكامل أناقتهم؛ ليشاهدوا أولئك الذين اخترعت من أجلهم كرة القدم؛ حتى لا يتسكعوا في الشارع، لكن هذه المرة أصبح الناس هم الذين يتسكعون في الملاعب، في حين أن اللاعبين لديهم ما يفعلونه.. إنهم يلعبون.. عفواً يعملون!!
شعلانيات:
احترم الماضي واحترس من الحاضر إذا أرت أن يكون لك مستقبل!
إذا أردت أن تعيش في سلام.. فلا تقل ما تعرف.. ولا تحكم على مالا تعرف!
الفرق بين الكمبيوتر والإنسان أنه إذا أخطأ لا يلقي باللوم على الكمبيوتر الآخر!!





