mena-gmtdmp

هل نحب الحب؟

أميمة عبد العزيز زاهد
هل حقيقي أننا نعيش الحب طالما ظلّ مجرد فكرة مجردة؟ فنحن نحب الحب من قبل أن نحب، ونريده أن يظل كما هو في أذهاننا، ونتصوره على نحو ما حلمنا به، وليس لدينا أدنى استعداد لأن نتخيله في صورة غير التي رسمناها له في أحلامنا. تلك الصورة التي فرضها علينا خيالنا، فنظل نبحث عنه، ونلهث وراءه؛ حتى تهرب أنفاسنا من بين ضلوعنا، ونستميت حتى نجده، ومن ثم نفشل في التعايش معه. ترى هل يملك الحب مهارة خارقة لصنع واقع غير واقعنا؟ وهل في الحب لا نرى إلا بعين المحب فقط؟ وهل الحب لا يعرف المستحيل؟ فالعطاء والأنانية والأمان والقلق والغيرة... كل هذه المشاعر المتناقضة تعيش جنباً إلى جنب؟ ترى أين تكمن بذرة الحب؟ ومتى تظهر فروعها وأوراقها؟ وما هي المدة التي تثمر فيها هذه الشجرة؟ والسؤال الأهم. هل ندرك أن الشجرة العملاقة، والتي أخذت منا سنوات وسنوات، قد تموت فجأة بنفس الأيدي التي زرعتها وروتها، فيتراجع ويتضاءل، ومن ثم يمرض وبعدها يموت؛ لأننا لم ندرك مفهومه الأساسي؛ وهو أن نضحي من أجل الحب، لا أن نضحي به. أعود وأقول.. هل الحب الزائف هو المسؤول عن تدمير السعادة عندما يغدر في القلوب؟ أم هو الحب المستسلم الذي لا يقوى على الدفاع عن نفسه أمام الصدمات؟ أم أن البشر هم أنفسهم لا يعرفون كيف يحبون ولا كيف يتعاملون مع هذا الإحساس؟! ترى ماذا حدث لعلاقاتنا مع أنفسنا ومع غيرنا؟ وهل هناك ميكروب في الجو مهمته تلويث السعادة والاستقرار وهدم أسمى معاني العلاقات الإنسانية، والتي تحولت -مع الأسف- إلى علاقات يغلفها إما الخوف أو المصلحة، وكل فرد منا يلقي مسؤولياته على الطرف الآخر، ومستعد أن يستغني عنه بمنتهى السهولة، وبالتدريج تلاشت المشاركة الوجدانية الحقيقية، وأثبتت عجزنا عن الوصول إلى السعادة؛ بسبب عدم الرغبة في التضحية والتنازل، وتجاهلنا بأن كل ازدهار ونجاح يحدث لنا؛ يكون سببه التفاهم، الذي يصنع الحب في كياننا وجوارحنا ومشاعرنا، فعجلة الزمان تدور وتجري بسرعة البرق، وتفوق خطواتنا وتسبق رغباتنا، ونتمنى لو أننا أسرعنا بما قررناه في أعماقنا، ونطمح للأحسن، وبالأمل أن نفوز، وإذا كان علينا أن نحزن؛ فلنحزن على لحظات العمر التي تضيع في الشقاق والصدام والعناد والمكابرة، ولو أوتينا القليل من الحكمة؛ لتفادينا كل ذلك، ولم نحرم أنفسنا أو غيرنا من السعادة. علينا أن نجاهد؛ حتى نجعل الأنانية عطاء، والعطاء إخلاصاً، والإخلاص وفاء، والوفاء يتحول إلى ولاء، والولاء إلى انتماء؛ لنتحد ونسعد في حياتنا، ولن يتحقق ذلك إلا بالحب. الحب هذا الإحساس الرائع... أيامه لحظات صدق، ونبضاته أنفاس حنان، ونداؤه مودة، وعالمه سعادة، أين اختفى من حياتنا؟! فهل نوجّه نداء؛ حتى يعود هذا الإحساس الذي رحل عنا؟!