زواج للترفيه

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت: لا أنكر أني اخترت زوجي بعقلي، وبكامل إرادتي الذاتية، فبمجرد شعوري بالقبول والارتياح لشخصه، ولعمق تفكيره وحكمته، قرر عقلي خوض التجربة وكلي ثقة في نجاحها، وأعترف أنه بعد عشرتي معه تضاربت أحاسيسي، وتصارعت مشاعري، وأحيا الآن في صراع بين ما يرفضه عقلي وما يتقبله قلبي، ما لي أرى نفسي وقد تهاونت في حقوقها، وتنازلت عن متطلباتها؟ حاورت نفسي كثيراً، وتعبت من كثرة المبررات التي كنت أطرحها لأخدع بها عقلي، في حين كنت لا أتهاون مع كرامتي لأي سبب كان.


أعاتب نفسي وبشدة، ما الذي حصل لي؟ وماذا دهاني؟ لا، لست أنا تلك الإنسانة التي كانت تعتز بمبادئها وبقوة شخصيتها، فالأمور واضحة وجلية، لا تحتاج إلى حيرة أو تفكير، ولأكون أكثر صدقاً مع نفسي، هل ترددي في الانفصال يعود خوفاً من نظرة من حولي لتسرعي في اتخاذ قرار الزواج؟ أم أنه محاولة لإرضاء ذاتي بأن اختياري كان سليماً؟\


لا أدري كيف يفكر أو بما يفكر في وضعنا، إنه مستمر في حياته الروتينية الطبيعية، دون أي عقبات، في حين أنني أمثل له البيت الثاني، الذي يأتي إليه ليستمتع ويعيش الهدوء والراحة.
إن الاختلاف أمر صحي وطبيعي، نعيشه وسنظل نعيشه، طالما لكل منا شخصيتة وتفكيره وكيانه المستقل عن الآخر، فالاختلاف سنة الكون، ولكن لا يصل اختلافنا لدرجة الخلاف، الذي يجرنا إلى متاهات لن تستقيم حياتنا معها، وأنا أؤمن بأن لا حدود ولا حواجز تفصل بين الزوجين، وكل طرف له مطلق الحرية في الحوار، بلا شرط ولا قيد لمضمون النقاش، مهما كانت المواضيع حساسة أو معقدة.

المهم أن تكون دون تجريح، لقد جعلني أحيا بأحاسيس مختلفة، ومشاعر ما تخيلت يوماً أن أعيشها، طلبت منه الإجابة لسؤال واضح، بأن يسأل نفسه بكل أمانة، بعد أن خاض فعلياً تجربة الزواج بأخرى، وعاش هذا الإحساس بصدق، هل هذه هي الحياة التي كان يتوقعها، ويتمنى أن يعيشها مع شريكة حياة أخرى؟ وترى هل نسي أني زوجته ويعاملني على أساس أني صديقته؟ وياليت حظيت بمعاملة الصديقة، لكان تعامله معي أفضل، وهل أعتبر زواجه مني زواجاً للترفيه عن نفسه، دون بذل أي جهد ودون تحمل أي مسئولية أو أي التزامات،

نسي اتفاقنا وأخلف وعوده، وفوق ذلك لا أجد إجابات لكل استفساراتي، بل كان يغضب ويتهمني بضيق الأفق، وبنظرتي السطحية لمفهوم الزواج، وينكر علي اهتمامي لأمور جوهرية، هي من كامل حقوقي، وليست ثانوية كما يظن، وتذكرت عبارات أمدتني بالقوة للابتعاد عنه (لا تتعلق بـشخص لا يكتب لك، لا يتفقدك، لا يبادر دائماً بالسؤال، لا يزاحم يومك، لا يقرأ ما بك، لا يحفظ أهم تواريخك، لا يراقبك ليعرف تفاصيلك، لا يشعر بك عندما تكذب أنك بخير، لا يملأ حياتك بالمفاجآت، باختصار لا تجعل لشخص الأولوية بينما أنت لست على رأس قائمة أولوياته).