أرجوك افعل

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت له: عندما طلبتني للزواج شرحت لي واقعك وظروفك بكل أمانة، وبأنك متزوج ولديك أبناء، وصارحتني بأنك سعيد في حياتك وزوجتك إنسانة فاضلة، ولكنك ترغب بالزواج الثاني وهو من حقك، فلديك الإمكانات المادية والقدرة المعنوية والنفسية والعاطفية على خوض حياة جديدة، وتحت علم أسرتك ورضاها.


أعجبتني شخصيتك وثقافتك، وجذبتني قبلها صراحتك.. فلم تحاول أن تتعدى حدودك، أو تجذب انتباهي لتتملق، بل أجبرت كل من حولي بأن ينجذب إليك، كنت رجلاً مختلفاً، رجلاً رائعاً في كل شيء، في صمتك وكلامك، في جلستك ووقفتك، وحركتك وسكونك، في تعاملك وتواضعك وترفعك، بهرني علمك وثقافتك، وفكرك ونقاشك وحوارك، وكنت أنا في أمس الحاجة إلى رجل يمتلك هذه الصفات، ووافقت على هذا الارتباط؛ لأحيي البقية الباقية من حياتي في أمان، ولأشعر بالاستقرار والدفء، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات اتفقنا على كل الأمور، من صغيرها إلى كبيرها بما يرضي الله، ومن ثم بما يرضي جميع الأطراف، وفكرت، ترى هل سأتمكن من الاستحواذ على جزء ولو صغير في قلبك الكبير؟ وأن أكون شيئاً في حياتك؟ وأن تكون أنت كل شيء في حياتي؟ وبزواجي منك تلاشت أحلامي، وألقيت نفسي في قلب مشكلة لها جذور من الماضي وفروع في الحاضر، وتأكدت لحظتها بأن شواطئ الشوق الغريزي تشدنا في البداية، فنظل نبحر بكل الوسائل المتاحة، نصارع بإبحارنا نبض البحر، إلى أن نحظى بدفء رمال شواطئه، لنطفئ لهيب شوقنا...

وعندما نبدأ في التعايش مع واقع تلك الشواطئ نكتشف تضاريسها الصعبة، التي غالباً ما تجاهلناها، واكتشفت خطأ اعتقادي بأن زواجي منك سيحقق أمنياتي، ويشبع رغبتي في الشعور بالاستقرار والأمان، فشعوري بالسعادة اختفى بالتدريج، ووجدت نفسي في نقطة البداية، والعودة للإحساس بالوحدة، ماذا تريدني أن أقول بعد أن أصبح الصمت هو دنياي، وأنا أحيا حياة الكهوف معك؟ فقد عشت معي وأنت لا تتملك من الحواس إلا حاسة البصر، ويا ليتك استخدمتها كما ينبغي لكنت اكتفيت منك بنظرة تحتويني بها داخل عينيك …

فأنا لم أعد أحتمل فراقك وصمتك، وكرهت تبريرك لإهمالي، فمعاناتي البادية على وجهي، والحزن القابع بين ضلوعي، شدني للبوح لك يا عزيزي أن الحب عاطفة وإحساس... مرسل ومستقبل… لقد أوصلتني لمرحلة بدأت أشعر فيها بأني غير حاضرة في حياتك، فلا زلت حتى الآن تمارس دور المستقبل، على أمل أن يجبرك حبي يوماً أن تكون المرسل، فلا يمكن أن تنبت المودة والرحمة إلا من خلال السكن، وأن تهتم بي كزوجة لي مشاعر وأحاسيس وحقوق، لا أدري ماذا حدث؟ هل اكتشفت أن وجودي بالنسبة لك فائض عن حاجتك، ولم يعد لي دور أقوم به تجاهك؟ أم أني لم أتمكن من منحك ما أنت بحاجة إليه؟ وهل أسدل الستار على حياتنا؟ إني أتمنى من أعماقي أن لا تكون هذه التصرفات هي بداية تخليك عني، وأتمنى أن تستمر حياتنا هانئة مستقرة حتى نهاية العمر، ولن يتحقق ذلك إلا بالمصارحة والمواجهة الحقيقية عن مشاعرك تجاهي.. أرجوك افعل.