الرجل الصامت

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت له: لقد تزوجنا بعد قصة حب طاهرة ورائعة كنت ومازلت الزوجة المحبة وأنت كنت الزوج العاشق الذي كان لا يتردد في أن يصفني دائماً بأجمل الصفات،‏ ويحدثني بأرق العبارات ‏ما الذي استجد!! ولماذا بعد أشهر قليلة بنيت حاجزاً من الصمت بدأ يعلو بيننا ليصبح جداراً زادته الأيام صلابة وأصبح كل منا يعيش بعيداً عن الآخر، ونحن نحيا تحت سقف واحد لقد ظننت أن حبي وعطائي وتفانيَّ وتحملي للمسئولية وبكل ما يتعلق بواجباتي واهتمامي بكل متطلباتك، وإبداعي في ترتيب منزلي ومحاولاتي المستمرة في فتح حوارات واعية كل ذلك سيُبقِي الحب في قلبك نهراً لن يجف نبعه، وسنظل نرتوي منه لتنمو علاقتنا وتزداد قوة، ولكن مع الأسف حدث عكس ما توقعته، فأنا أصبحت أعيش معك، ولا أعرف أي شي عنك لا عن أحلامك ولا مخططاتك ولا مشاريعك إلا إذا سمعتك تتحدث صدفة لأحد من أهلك، أو أصدقائك، وكم ناقشتك بأن معالجة ما نحن فيه مسئولية مشتركة بيننا، ومددت لك يديَّ لنتعاون معاً على استمرار بناء منزلنا، وحاولت أن أجد الوقت الملائم للتفاهم معك، ولكن فشلت فليس لديك وقت مناسب في جدولك اليومي ولا الأسبوعي، وأصبحت تتهرب من أسئلتي بشتى الطرق إما بالخروج أو النوم، وتتعمد أن تتجاهلني، وكأنني مجرد كائن متحرك أمامك أخبرني بالله عليك كيف أتواصل معك، وأنا أراك وأنت تتكلم وتضحك وتتفاعل مع الآخرين، ولكن بمجرد أن نجلس بمفردنا تتلبسك حالة السكون والذي لا تنفع معه الوسائل المتاحة، وغير المتاحة لكسر جمودك وإخراجك من صمتك الرهيب، وكيف أصبحت فجأة تتجاهلني. ‏‏


مشكلتك أنك تظن أن كلامي لن يخرج عن نطاق الشكوى والتذمر، فما الذي أوحى لك بذلك وقد كنت من يعرفني أكثر من نفسي، فأنا أريدك أن تشاركني بكل ما يثقل كاهلك، ولو من باب التخفيف عنك دعني أنشغل بمشكلاتك وثق برأيي فهل جربت قدراتي... وكل ما تجود به حنجرتك هو ترديد عبارتك الجديدة بأن الكلام ما هو إلا تحصيل حاصل، فأنت تتولى جميع واجباتك والتزاماتك المادية، فما الذي ينقصني؟ صحيح أنك وفرت لي حياة رائعة، ولكني أريد منك أن تنسجم معي نفسياً وعقلياً وعاطفياً، وأن تهتم بميولي واحتياجاتي وتطلق أحاسيسك المسجونة خلف قضبان صمتك وأن تتكلم وتعبر بصراحة عما يجيش في صدرك، وأن تعبر لي عن حبك بصوت مسموع وليس في سرك، أريدك أن تكون معي بروحك وفكرك وعاطفتك كما عودتني، وأن تتذكر أني أحتاج منك أن تغذي أنوثتي، فذلك يقوي العلاقة بيننا وينعكس أثره على حياتنا، لا تشعرني بالغربة وأنت بجواري، أرجوك لا تحبط أحاسيسي، ولا تشيع أنوثتي وتجعلني أعيش فتوراً نفسياً وانفصالاً عاطفياً، هل تعرف معنى الإحباط؟ إنه ألم نفسي لا تراه ولن تحسه باختصار يا زوجي الحبيب. أشعر بأننا وصلنا إلى مرحلة الخطر وأصبحنا نعيش انفصالاً عاطفياً، ونحن مازلنا في بداية الطريق.