mena-gmtdmp

ربيع المشاعر

أميمة عبد العزيز زاهد
قالت: لم أتذوق طعم الحبِّ طفلة، ولم أعرفه في مراهقتي، ورفضته في شبابي، واستقبلته في الوقت الخطأ وأنا في ربيع عمري. فكيف لقلب عاش الغربة حقبة من الزمن يعود للوجود مرَّة أخرى، كيف تتغير مشاعرنا وعواطفنا فجأة دون مقدمات؟ سؤال طرح نفسه على ساحة أفكاري يبحث عن إجابة، ترى ما الذي جرى لأحاسيسي.. أحاسيسي التي كانت ترفض أي اقتحام أو تسلل لكياني، فقد اعتدت أن أعيش بلا عواطف تلامس أعماقي، عشت سنوات طويلة بمشاعر حرَّة وأحاسيس طليقة لا شيء يقيدني. سنوات لم أستجب لكل من حاول أن يطرق باب أحاسيسي ليوقظها.. عشت خالية البال، أنام دون أن أفكر أو أشتاق لأحد.. أستيقظ دون أن أنتظر من ينعش أو يحرِّك مشاعري، وأصارح نفسي وأسألها كيف شعرت بأحاسيس رائعة في هذا العمر، وفي الزمن غير المناسب، كيف قابلته أخيراً ووجدته دون أن أبحث عنه، وكيف وافقت على الزواج منه بعد أن تغلغل حبُّه إلى أعماق قلبي الواهن، وتربع على قمته، وحلق كياني في عالم مختلف وأشعرني بأنَّني مركز اهتمامه وأهم قضاياه، وتربعت على عرش قلبه، فعشت أحاسيس رائعة من خلال كلماته، وهمساته، وتصرفاته الممزوجة بالتقدير والاحترام والصدق فأيقظ فكري وكياني، أيقظ مشاعر توقفت منذ زمن بعيد.. جعلني أنظر إلى نفسي ولسان حالي يقول ما هذا الذي تعيشينه، ما هذا الذي تشعرينه. أفكر وأسأل ذاتي من يكون لأتنازل عن حريتي من أجله؟ من هو حتى أنسى نفسي في وجوده؟ من هو حتى يحتل في قلبي كل هذه المساحة، ويأخذني إلى عالم لم أكن أتخيل نفسي يوماً أن أعيش في عالم صاخب.. مليء بمشاعر أقف أمامها مذهولة، ولا أصدق نفسي أنَّني أعيشها. أفكر في لحظات، وأعجب لتصرفات لم تكن يوماً موجودة في قاموسي، وأسأل نفسي: هل أنا في حلم أم واقع؟ وأعاود سؤالي لنفسي: كيف كانت حياتي قبله؟ كيف كانت لحظاتي دونه، وكيف كنت أعيش أيامي بشكل عادي، راضية بواقعي، لا يشغل حياتي سوى حاضري، أعطي وآخذ من المقربين والمحيطين بي؟ عشت -ولله الحمد- في سعادة بين الأهل، والأصدقاء، والعمل، لم أترك فرصة تضيع مني إلا واستشعرت معها طعم الحياة. ولكن حياة كان ينقصها الاستمتاع، وهو ما وجدته، وأعيش أروع معانيه معه. وارتبطت لحظات حياتي بلقائه.. امرأة تُشحن عواطفها كل صباح ومساء بوقود حبِّه الدافئ والتحمت نشوة سعادتي بهمساته الحانية.. امرأة عاشت معه البسمة، وانطلاقة الضحكة بين أحضان حروفه وكلماته.. فدخل أعماق نفسي بقوة السيل الجارف، وغزا حاضري ومستقبلي، وتربع على مشاعري وأفكاري وقرارات حياتي. حبُّ تمكن من أن يحول امرأة ناضجة لإحساس طفلة في غيرتها ولهفتها وخوفها، فأحيانًا أشعر به وهو يحولني لطفلة تتصرف بجنون الطفولة وبراءتها.. تغار عليه، تبحث عنه، تخاف عليه، إنَّه إحساس جميل أشعر به. كم أنا سعيدة بهذا الحبِّ الذي يحتويني!