بين الحرفية الراقية والهوية الثقافية، تبرز المصممة الإماراتية شريفة الشارف الهاشمي كصوت نسائي مميز يرسم ملامح الأناقة بأسلوب يعكس القوة والأنوثة في آنٍ واحد. من شغفٍ بدأ منذ الطفولة وسط عائلة تعمل في هذا المجال، إلى تأسيس Onori علامة أزياء تُجسّد الإرث الإماراتي برؤية عصرية عالمية. في هذا اللقاء، تكشف "شريفة" عن رحلتها الملهمة، وتشاركنا رؤيتها في تمكين المرأة من خلال التصميم، وإبراز دبي كعاصمة جديدة للموضة العالمية. بين التفاصيل الدقيقة والرسائل العميقة، تشكّل تصاميمها أكثر من مجرد ملابس؛ إنها قصة وهوية وقوة ناعمة تنسجها بإبداع ومسؤولية. وفي يوم المرأة الإماراتية كان لنا معها هذا الحوار...
- هل يمكنك أن تخبرينا عن بدايتك في تصميم الأزياء؟
نشأت وسط عالم الأزياء، حيث كانت عائلتي تعمل في هذا المجال، لذا بدا الأمر طبيعياً لي منذ سن مبكرة. رغم أنني اتجهت أكاديمياً ومهنياً إلى مجال التمويل، إلا أن شغفي الأول كان دائماً الأزياء. كنت أصمم وأعدّل القطع لنفسي منذ الطفولة، وكنت دائماً مفتونة بالتفاصيل وبقدرة الملابس على تعزيز حضور المرأة وثقتها بنفسها. لا زلت أتذكر بوضوح تجربتي الأولى في أسبوع الموضة في ميلانو الطاقة، الجمال، الفن.. كانت تجربةً لا تُنسى وأكدت لي أن هذا هو مكاني. وفي لحظة ما، أدركت أنني يجب أن أُكرم هذا الشغف وأبني شيئاً يعكس هويتي، وهكذا وُلدت.Onori
قد يهمك أيضاً: معرض "أسلوب الأميرة ديانا ومجموعة ملكية" أكبر مزاد علني خاص بأميرة القلوب.. ماذا يضم؟
- كيف وُلدت رؤية Onori؟ وما الذي يرمز إليه الاسم بالنسبة لك؟
وُلدت رؤية Onori من رغبة عميقة في خلق شيء يحمل معنى، يحتفي بالأنوثة، بالقوة، وبالجمال الخالد. اسم Onori مشتق من كلمة "Honor" شرف، وهو أمر شخصي جداً بالنسبة لي، لأنه يُترجم أيضاً إلى "شريفة" وهو اسمي. الاسم يُجسد القيم التي أعتز بها: تكريم النساء اللواتي شكلن حياتي، تكريم الحرفية، وتكريم الهوية. والأهم من ذلك، أن Onori هو إهداء لأختي الراحلة، التي ما زالت قوتها ورقتها وصلابتها تلهمني في كل ما أفعله. Onori ليس مجرد علامة أزياء، بل انعكاس لروحي ولإرث أريد تركه قائماً على الحب والذاكرة والتصميم الهادف.
- مَن هي امرأة Onori التي تسعين للاحتفاء بها من خلال تصاميمك؟
امرأة Onori أنثوية ، جريئة وخالدة. تعرف قيمتها، ولا تحتاج أن تثبتها بصوت عالٍ، لأن حضورها وحده كافٍ. تحتضن طاقتها الأنثوية بثقة وأناقة، وتُدرك أن القوة والنعومة يمكن أن تتعايشا. لا تخشى أن تحلم أو أن تعبر عن نفسها من خلال الأناقة. تقدّر الحرفية، تفهم الجودة، وتعيش حياتها بحرية وجرأة وجمال بطريقتها الخاصة.
- كيف ساهم إرثك الثقافي والحضاري في تشكيل هويتك الإبداعية للعلامة؟
كوني إماراتيةً جعلني جريئة بطبيعتي. أستمد ثقتي من جذوري، ومن وطني الذي يدعمني دائماً. الإمارات هي مصدر قوتي بلد يحتفي بالنساء ويشجع الطموح. تراثي حاضر دائماً في التفاصيل: القصّات المحتشمة، التدرجات في الطبقات، والتوازن بين البنية والنعومة. حتى إن كانت اللمسات خفيفة، فهي مقصودة بعمق. من العناصر المميزة التي أعتمدها في تصاميمي هي اللؤلؤ رمز خالد في التراث الإماراتي. يمثل النقاء والقوة والأناقة، وإدخاله في تصاميم Onori هو طريقتي في تكريم تاريخنا الغني، مع إعادة تصوره بأسلوب عصري وعملي. Onori يعكس هويةً إماراتيةً حديثةً: قويةً، راقيةً، وواعيةً عالمياً.
- مجموعتك لما قبل خريف 2025 تحتفي بـ"المرأة العصرية الجريئة". كيف ترجمتِ هذا المفهوم في الأقمشة والقصات؟
مجموعة Onori لما قبل خريف 2025 هي تحية للمرأة الجريئة الواثقة التي تحتضن تفردها. استخدمتُ أنواعاً مختلفة من الترتر، من المطفي إلى اللامع، في قطع ذات بنية واضحة مثل التنانير الطويلة، البلايزر المفصل، الصدريات، والفساتين ذات الطابع الكلاسيكي التي تنساب بجمال على الجسد. هذه المجموعة تمزج بين القوة والنعومة: قصات حادة، خطوط انسيابية، وتفاصيل مميزة من Onori مثل الياقات الكريستالية، حواف الريش، والأقمشة الفاخرة كالساتان، الترتر، الليكرا، التفتا، وأقمشة البدلات. الهدف هو تمكين المرأة من أن تتألق برقي، أن تُرى، وأن تشعر بشجاعتها وأناقتها في آنٍ واحد.
- كيف أثّر هذا المفهوم على الألوان والخامات التي اخترتها؟
هذا الموسم اخترنا لوحة ألوان ناعمة ولكن راقية: العاجي، الأخضر الباهت، البني، البرتقالي المحمر، الدنيم الداكن، وتدرجات الرمادي. الألوان مقصودة في هدوئها صممت للمرأة التي تُدرك أنها هي نفسها محور الاهتمام، وليس فقط ما ترتديه. الترتر المطفي يمنح لمسةً من البريق دون مبالغة، ناعماً وأنيقاً. تنساب الأقمشة بجمال، وتحقق توازناً بين البنية والليونة، مما يُعزز العلاقة الخاصة بين القطعة ومن ترتديها. هذا الإحساس هو ما ألهم اسم المجموعة "ليالٍ تحت ضوء النجوم" مثل سحر السماء المسائية الهادئ، حيث يتوهج الجمال بهدوء لكنه لا يُنسى. المجموعة تحتفي بأنوثة واثقة ومتألقة من الداخل.
- هل كان هناك إلهام محدد، واقعي أو رمزي، وجّه رؤيتك الإبداعية لهذا الموسم؟
نعم، كان هناك مزيج من نساء طالما ألهمنني: ثقة غابرييل شانيل الخالدة، أناقة أودري هيبورن العفوية، وقوة النساء اللواتي أراهن كل يوم حولي. لهذا الموسم، جذبتني فكرة الازدواجية كيف تتعايش النعومة والقوة داخل امرأة واحدة وفي مظهر واحد. النساء الإماراتيات أيضاً كنّ مصدر إلهام عميق. العديد من القطع جاءت بتصميم محتشم، تكريماً لنساء بلدي المذهلات، اللواتي يلهمنني يومياً برقيّهن وصلابتهن. أناقتهن تقف في قلب هذه المجموعة.
- كيف ترين أن هذه المجموعة تمكّن المرأة الإماراتية وكل النساء؟
أريد للمرأة التي ترتدي Onori أن تشعر بأنها على طبيعتها، ولكن بإطلالة أكثر تميزاً. الموضة ليست فقط وسيلة للتعبير عن الذات، بل أيضاً درع يعزز الثقة. هذه المجموعة صُممت لتُساعد المرأة على دخول أي مكان بثقة، واثقة بجمالها وحضورها دون الحاجة للتبرير.
الكثير من التصاميم تتمتع بقصّات حادة وكلاسيكية تُبرز القوة وتعزز الثقة، لكنها لا تمنع المرأة من أن تكون مصدر إلهام رقيقة وقوية في آن واحد. إنها احتفاء بمن أنتِ، واتصال بجذورك، بأناقتك، وبهدفك الأسمى.
- الاستدامة والإنتاج الواعي باتا من ركائز الموضة الحديثة. كيف تنعكس هذه القيم في عمل Onori؟
نُنتج كميات محدودة ومدروسة، مع التركيز على الجودة وليس الكمية. نتجنب الإنتاج الزائد ونتعاون عن قرب مع دار الإنتاج لضمان الالتزام بالمعايير الأخلاقية. كما أنني أُصمم بتوجه نحو الخلود قطع Onori لا تتبع الصرعات المؤقتة، بل تُصمم لتُعاش وتُرتدى لسنوات. لدينا خطوات إضافية في الطريق لتعزيز الاستدامة، ولكن التغيير الحقيقي يتطلب وقتاً. لا يمكن فعل كل شيء دفعة واحدة، لذا نتقدم خطوة بخطوة، بحكمة وفاعلية.
- ما النصيحة التي تقدمينها للمصممات الناشئات من منطقتنا؟
نصيحتي أن تتمسكن بهويتكن ورؤيتكن هذه أقوى أسلحتكن. لا تطاردن الصيحات، بل طاردن المعنى. بناء علامة تجارية يتطلب وقتاً وأخطاءً وتعلّماً مستمراً. ستكون هناك عقبات، لكن استمرّي، وستصلين. الرحلة بحد ذاتها جزء من المتعة، لأن الموضة ليست محطة نهائية، بل مغامرة متجددة. تذكري دائماً لماذا بدأتِ، وواصلي التقدم بثقة.
- ما رؤيتك لعلامة ONORI، ليس فقط كعلامة أزياء، بل كصوت ثقافي إماراتي موجه إلى العالم؟
Onori بدأت كرسالة حب مني للأنوثة، متجذّرة في الثقافة الإماراتية، لكنها تُعبّر عنها بطريقة تصل إلى النساء في كل مكان. أراها تنمو لتصبح داراً مرموقةً معروفةً بالثقة الهادئة، والحرفية الرفيعة، وسرد القصص التي تحتفي بالقوة والنعومة معاً. كل مجموعة ستحمل في طيّاتها جذوري، وتُعبّر عن معنى أن تكوني امرأةً جريئةً وأنثويةً في الوقت ذاته.
أرغب أن يرى العالم دبي كما يرى باريس أو ميلانو: مدينة تُبتكر فيها الأزياء الراقية وتُنفذ فيها بأعلى المعايير. هدفي أن أُثبت أن الجودة الرفيعة لا تقتصر على فرنسا أو إيطاليا، بل هي حاضرة وبقوة في دولة الإمارات أيضاً. الحرفية التي نقدمها هنا متقنة، وأريد أن تكون Onori انعكاساً لهذا المستوى من التميز.
- يسلط يوم المرأة الإماراتية الضوء على الطموح والإنجازات. كيف تعكس رحلتك الشخصية هذه القيم؟
يوم المرأة الإماراتية هو تذكير قوي بمدى التقدم الذي أحرزناه، وبأن إمكانياتنا لا حدود لها. تأسيس Onori كان طريقتي في تكريم هذه القوة، والمساهمة في رسم صورة جديدة ومعاصرة لما تعنيه "المرأة الإماراتية" اليوم.
حلمي أن تصبح دولة الإمارات ودبي خاصة عاصمة معترفاً بها عالمياً في عالم الموضة، تقف إلى جانب إيطاليا وفرنسا. من خلال Onori، أردت أن أقدّم أكثر من مجرد علامة تجارية؛ أردت أن أُظهر للعالم أن دبي تحتضن صناعات عالية الجودة وتتمتع بحرفية عالمية.
تمامًا كما تُعرف باريس وميلانو بإرثهما في الأزياء، أؤمن أن دبي تستحق هذا الاعتراف أيضًا. لدينا الكفاءات، والإمكانات، والدعم الحكومي الذي يمكّننا من إنتاج ملابس فاخرة بمعايير عالمية.
أنا فخورة بأن Onori تُصنع في دبي لأنها ليست مجرد علامة جودة، بل هوية، ورسالة إيمان بمستقبل الموضة في الإمارات.
- أعمالكِ تمزج بين الرقي العصري والإرث الإماراتي. كيف ترين الموضة كوسيلة لتمكين المرأة الإماراتية؟
الموضة بالنسبة لي كانت دائماً وسيلة للتعبير عن الذات وعن الهوية. من خلال Onori، أحرص على تصميم قطع تُجسد من أين أتينا وإلى أين نتجه. المرأة الإماراتية قوية، أنيقة، وعصرية، وأرغب أن تعكس تصاميمي كل هذه الجوانب. عندما ترتدي امرأة قطعة من Onori، أتمنى أن تشعر بأنها مرئية، قوية، وفخورة بجذورها. الأمر لا يتعلق بالأناقة فقط، بل بالشعور بالانتماء لشيء أكبر.
- يحمل شعار هذا العام "إلهام الجيل القادم". ما نصيحتك للفتيات الإماراتيات اللواتي يطمحن إلى دخول عالم الموضة؟
لا تخافي من اتخاذ الخطوة الأولى، حتى لو شعرتِ بالخوف أو بعدم اليقين. لا يوجد وقت "مثالي" للبدء، فقط ابدئي. لقد ارتكبت أخطاء وتعلمت الكثير، وهذا كله جزء من الرحلة. كوني صادقةً مع نفسك ومع رؤيتك، ولا تسمحي لأحد بأن يخبرك بأن أحلامك كبيرة أكثر من اللازم. أنتِ قادرة على أكثر مما تعتقدين. وإن شككتِ في ذلك يوماً، تذكّري أن هناك مَن ينتظر أن تُلهميه بشجاعتك.
وتذكّري، الوصول إلى القمة لا يعني أنكِ "وصلتِ" وأن المهمة انتهت. لا يتعلق الأمر بخط النهاية، بل بالاستمرارية، والتطور، والالتزام بالتحسن والتجدد باستمرار. هناك يكمن النجاح الحقيقي.
تابعي أيضاً: مجموعة Métiers d’art 2024/25 من شانيل: رحلة ساحرة بين باريس وهانغتشو
