عندما تكون أعماقي سعيدة أحس بدفء الشمس وسحر الليل، أرى كل ما في الكون يرقص أمام عينيّ، وأستغرب عندما أرى إنساناً حزيناً؛ لأن الدنيا جميلة، فلماذا الكآبة والنكد؟! فلابد أن يكون الكل سعيداً مثلي، فلا أحب أن أرى أو أسمع قصصاً تؤلمني وتشوش عليَّ فرحتي، ويكون إحساسي عكس ذلك؛ عندما أكون مهمومة أشعر بأني الوحيدة في هذا العالم التي تعيش في تعاسة، ولا يوجد في الكون من هو أتعس مني، وينتابني الألم والحزن، وعندما يسدل الليل ستاره أراه لا ينتهي، والصبح لا يظهر إلا وحرارة الشمس تحرق جلدي. ويظل فكري يدور ويدور في تروس غليظة، أحاول أن أتذكر لحظتها أيام نجاحي وسعادتي، ولكن مع الأسف دون جدوى، وأتعجب لماذا الناس سعداء؟! ألا يشعرون بمعاناتي، ألا يوجد من يشاركني حزني رغم كثرة الوجوه والأصدقاء؟ ترى ما قيمة نجاح لا يشاركني فيه من يحس بشخصي وبصدق، وأحس به لذاته؟ فمهما كان عدد من يشعرون بي فالمهم أنا بمن أشعر؟ لأن سعادتي لحظتها ستكون مؤقتة تتلاشى، وأتذكر قول الشاعر: قد يهون العمر إلا لحظة وتهون الأرض إلا موضعاً فلحظة في عمر الإنسان تساوي لديه عمراً، والعمر قد يبدو له لحظة إذا كان مع من ارتضاه لنفسه، ووهبه حياته، وزرع بداخله الأمل، وأحاول أن أهرب من واقعي، ومن ثورة أفكاري، ومن ضعفي، وحتى من جبروتي مع نفسي. ومهما حاولت أن أحبس دموعي فلن أستطيع أن أكتم مشاعري وأحزاني، فأنا لا أنكر أن كثيراً من أحلامي تحققت، ولكنها مع الأسف تحققت بعد أن فات أوانها، فمن كثرة انتظاري لها فقدت القدرة على الاستمتاع بها. صحيح تحققت، ولكن بعد أن فقدت قيمتها في نفسي، ومع مرور الزمن وبجانب نعمة النسيان تلتئم الجروح القديمة، ولكن أثرها يبقى ولا يزول، ولا يصبرني إلا إيماني بالله سبحانه وتعالى، وأملي المزروع في أعماقي بأن الآخرة خير وأبقى. أنين امرأة هناك فرق بين أن يعيش الإنسان بقلب محب وبين أن يعيش بقلب حاقد، بين أفكار صادقة وأخرى تتصارع وتعصف بكل ما حولها، بين مشاعر مرهفة وأخرى تعيش الخوف، بين نظرة تتمنى الخراب وأخرى تتمنى العمار، فبالحب نعيش ونسعد بحياتنا، دون لوم أو عتاب أو تجريح، ونفتح قلوبنا للصفاء، لذا سأصمد وأصبر، ليس براعة مني، ولكن لأن مرارة الفشل تجعلني أقرّ بأن أفضل وسيلة للانتقام من التعاسة هي أن أعيش بأحسن حال