زادت جرعة السياسة في الوطن العربي الجميل، لدرجة أصبحنا معها نخاف أن يموت الشعب بجرعة زائدة!
الوضع مثل ذلك الذي قال لآخر: النهاردة الجو حار، لا يطاق.
فسارع الآخر يقول: إحنا مش اتفقنا ما نتكلمش في السياسة، فكل شيء أصبح سياسة، الاقتصاد سياسة، والسياسة اقتصاد، والرياضة سياسة، والفن سياسة. الفنانون مسيسون، والسياسيون يخلطون سياستهم بفن، حتى أنت مسيَّس، أو مشروع سياسة، ويريدونك أن تكون بعد كل ذلك مغفلاً؛ لأن السياسة -كما يقول أكبر دُهاة السياسة «ديغول»- هي فن استغفال الناس؛ لأن الساسة لا سياسة لهم... كل سياستهم أنهم يحاولون أن يكسبوا المعركة، شعارهم في ذلك «أنا وأنت نكسب».
وفي حقيقة الأمر يا «أنا يا أنت»!!
لأنه إذا كسبت فهو الخاسر، وإذا خسرت فهو الكاسب، ليقينه التام بأن الحلبة لا تتسع لاثنين، فإما أن تكون رابحاً أو تكون خاسراً، وهو لا يفضل الخسارة، وهو إنسان يدعي التفاؤل، فيرى الأمل في آخر النفق، لكن في حقيقة الأمر هو يرى نفقاً في نهاية كل نفق، وإن لم يجد نفقاً يضع له نفقاً؛ لأنه يعرف أن نهاية المشاكل هي نهايته، لذلك لديه حل لكل مشكلة، ومشكلة لكل مشكلة.
سألوا عباس العقاد يوماً، لماذا لا تكتب في السياسة؟
أجاب: لأن الكتابة في السياسة هي نوع من السياسة، وأسوأ ما في السياسة أنك تحمل ختمك على ظهرك، فأنت مسيَّس، تخضع لهذا الاتجاه أو لذاك الحزب، وتجد نفسك تدافع عن أفكار ليست بالضرورة أفكارك، وقناعات لا تتفق معها أحياناً وتعارضها، فتصبح عسكرياً في معسكر السياسة. السياسة هي أن تعارض وتعارض، حتى أنك تعارض نفسك أحياناً، والسياسة هي أن تكذب وتكذب حتى يصدقك الآخرون، وتصدق نفسك بعد ذلك.
في السياسة ليس مهماً أن يكون صدرك واسعاً، المهم أن يكون ضميرك واسعاً. في السياسة لا تقل الحقيقة، وإنما نصف الحقيقة، في السياسة إذا قلت فلا تخف، وإذا خفت فلا تقل.
الفرق ببساطة بين السياسة وعدم السياسة هو في أن تكون كاذباً أو صادقاً، أو في أفضل الأحوال تكون هوايتك عندما لا تجد ما تفعله هو أن تكذب على الآخرين، وإن لم تجد تكذب على نفسك بأنك رجل صادق، وأنك لا تكذب ولكن تتجمل.
فالساسة: لا سياسة لهم!!
شعلانيات:
| الناس يحبون الماضي؛ لأنهم كانوا شباباً.
| أنت لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، ولكن سوف تجد من يساعدك على ذلك.
| الفرق بين رجل السياسة ورجل الدولة، السياسي يفكر في الانتخابات المقبلة، ورجل الدولة يفكر في الأجيال المقبلة