قالت: عندما أسألك الرحيل، لحظتها أشعر بأحاسيسي تستجديني... ونبض قلبي يتضاعف؛ استعداداً للصمت، وأجد أعماقي تصرخ: لا.. وألف لا.. كيف أسألك الرحيل وقد أصبحت تمثل كل معاني الحياة والحب في دنياي؟ كيف يقوى قلبي على تحمّل ألم الرحيل؟ وكيف يقوى الجسد على العيش في وجود، لا وجود لك فيه؟ فأنت أجمل إحساس يروي جفاف حياتي، وكيف أوقف أنين الألم من أعماقي؟ وكيف أواجه وحدتي وأفكاري من دونك؟ أفكر كل يوم مائة مرة، أقرر كل يوم ألف مرة، وأصرّ على قراري، وعندما أبدأ بالتنفيذ.. أجد لساني يتلعثم، ويديّ ترتجفان، ودموعي تنهمر، والحزن يملؤني. وأنظر إلى نفسي في المرآة؛ فأجدني امرأة أخرى غير التي أعرفها! امرأة غطى ملامحها الحزن، وفي عينيها نظرة ألم ورجاء. أسمع آهات امرأة حطمها ألم الفراق قبل أن يبدأ، فأستدير وأتراجع؛ رفقاً بحالي وما سيؤول إليه بعد فراقك.
أرجوك إن كنت حبيبي ساعدني كي أرحل عنك، إن كنت طبيبي.. ساعدني كي أشفى منك. إنه قرار صعب، ولكن لابد منه! فتعاملك معي أصبح داءً يؤرق ليليَ ويوتر نهاريَ، ولابد من البتر الذي سيقلب برنامج حياتي، لكنه سيكون حلاً حاسماً لعدم سريان الداء؛ حتى لا يتفشى في سائر نفسي، فحبك لم يترك موضع ذرة إلا واستحلها، ولم تتبق إلا مساحة قليلة من الصواب التي تشدني لأفيق وأنجو بما تبقى لي. أرجوك ساعدني واتركني أرحل بعيداً عنك. أعرف أنني سأتألم بشدة، وسأعاني كثيراً، ومع كل لحظة تمر عليَّ لي فيها ذكرى، شيدنا فيها معاً أبراج حبنا، ولكن سأفيق على واقع قد لا أعيش فيه ضحكة من القلب أو لحظات سعادة، ولكنه واقع ويجب أن نعيشه؛ لأن ذلك مكتوب في قاموس حياتي وحياتك، ولا مفرّ منه... فهلا ساعدتني يا من وجدته بغالي الأثمان وسأتركه بأغلى من كل الأثمان! بسعادتي.. ببسمتي.. بضحكتي.. بلحظات حياتي الحلوة والتي لا يساويها أي ثمن، يجب أن نأخذ قرارنا معاً وبشجاعة ونتحمله بصبر، ونستكمل ما تبقى من أيام حياتنا كما كانت قبلك وقبلي، فذاك هو قدري وقدرك.
لا.. أرجوك لا تصدقني! عندما أسالك الرحيل، فأنا أغالب شوقي لك، ورغبتي الجامحة في التحام مشاعرنا، وأن نقترب من بعضنا أكثر وأكثر، فأنا أضعف من أن أتحمل قرار ألم فراقك، وأضعف من أن أنفذه، ولا أن أتحمل نتائجه، لذا إذا سألتك الرحيل؛ أرجوك لا ترحل. فلا قلب بعدك ينبض، ولا إحساس بعدك يعيش. وكلما حاولت أن أستجمع شتات فكري الممزق، وأن أخرج بجملة تحوي بين طياتها حروف وداع؛ تضيع الحروف. ولا أجد أمامي سوى كلمة «أحبك»، وبالتأكيد سأتخذ قرار الرحيل يوماً ما؛ حين أتمكن من مسح كل اللحظات الرائعة والسعيدة التي عشتها معك